كارثة افتتاح معرض (إيكيا) في جدة على وجه الخصوص وما حدث فيها من ازدحام وتدافع وسقوط قتلى وجرحى توضح الدور المروع لسطوة الإعلان على اجتذاب هؤلاء الآلاف للتجمع عند مدخل المعرض.. ورغم هذه الكارثة نجد أن هناك تبريرات لما حدث تأخذ جانب أصحاب المتجر!! وليس الذين صدقوا هذا الإعلان والذين تدافعوا للفوز بخمسمائة ريال أو مائة ريال!! منذ الخبر الأول عنه في بعض الصحف وجدنا من رأي أحد المحامين الذي تبرع بإسقاط التهم عن أصحاب المعرض!! وما نشر بعد ذلك من مواقف تضاربت فيها الأرقام التي ذكرت من خلال تصريحات أصحاب المعرض فنجدهم يذكرون انهم توقعوا أربعة آلاف ولكنهم فوجئوا بعشرين ألفاً!! وإذا كان هذا صحيحاً لتوقعاتهم فهل كان التنظيم مناسباً لاستقبال أربعة آلاف وبوابات المعرض المتاحة لا تزيد عن أربعة أمتار كما نشر عن ذلك في الصحف؟

وكيف تم الافتتاح ومسؤولو المعرض يرون هذا الازدحام الذي ذكر انهم منذ الساعات الأولى في صباح يوم الأربعاء والطوابير من هؤلاء الناس مجتمعين؟ وقيل انهم نظموا وأن لديهم 200حارس أمن!! وأشك في هذا الرقم!! وما يهم هو كيف تصرفوا أمام هذا العدد الهائل من الزوار الذين صدقوا الإعلانات؟

ولماذا لم يتداركوا الأمر بأي وسيلة كانت حفاظاً على أرواح البشر.. وما نشر في عكاظ يوم الجمعة 18رجب 1425ه عن طرد نائب رئيس مجلس ادارة المعرض للصحفي الذي حضر لإجراء حوار معه بعد أربع وعشرين ساعة من الكارثة بعد أن سلمه بياناً جاهزاً وأسئلة وأجوبة أعدها النائب وأجاب عنها وطبعها وسلمها للصحفي!! بعد رفضه لإدخال (كاميرا) معه اثناء اللقاء!! الذي تم فيه تسليم الأوراق المعدة سلفا!!

إذا كان هذا التصرف مقبولاً!! في أجندة أصحاب المعرض فهل سنتوقع معاملة أفضل للقضايا الأخرى ومدى تحكمهم لمسؤولية هذه (الكارثة) التي ذهب ضحيتها (أبرياء). كما حدث تضارب أيضاً في ذكر عدد من مات ومن جرح ومن أغمى عليه.. كما هي العادة لدينا في عدم ذكر الأعداد الحقيقية للكوارث!!

@@ إن كارثة هذا المعرض مهما تنصّل أو اعترف أصاب المعرض بمسؤوليتهم تجاه هذه الكارثة سواء من ناحية هذه (الاعلانات الضخمة) أو سوء التنظيم، أو قلة عدد الحراس، أو ضيق مساحات بوابات الدخول.. فإن هناك قضية أخرى مهمة وهي كيف يتعامل هؤلاء التجار مع الكوارث خصوصاً إذا كان الطرف المظلوم هو (المواطن)!! وبالطبع لست هنا أتهم أصحاب المعرض على وجه الخصوص ولكن هذا الحدث سيوضح كيف سيتعامل المجتمع مع هذا الحدث؟! وهل في حالة تنازل والد أحد المتوفين، سيسقط (حق المجتمع) تجاه هذا الحدث؟! وهل سيتم تبرئة أصحاب المعرض من مسؤوليتهم المجتمعية؟ وهل تبرئة بعضهم من دماء هؤلاء الأبرياء سيبرئهم من (دماء على أبواب المعرض )ستبقى دائماً هناك؟! وهل سيبقى لهم نفس المستوى ستبقى دائماً هناك!! من القبول لدى شرائح المجتمع كما كان سابقاً ؟؟ وهل سينام هؤلاء التجار هادئين وهم يعلمون أن أبرياء ماتوا وجرحوا لخلل كان لهم نسبة كبيرة من حدوثه؟! وهل سيهنأوا بالأرباح من هذا المعرض؟؟ أدرك أن هناك من بدأ في سرد عبارات (التدافع، الجهل، التخلف، الفقر، عدم النظام، .. الخ) ليصفوا بها هذا الجمهور الذي (صدق الإعلان) وصدق مصيدة الهدايا المالية!!

@@ كارثة معرض (إيكيا) لا ينبغي أن تمر بهدوء أو بإخلاء مسؤولية أي طرف فالأموات رحلوا نسأل الله لهم الرحمة والجرحى سيشفون إن شاء الله.. ولكن المجتمع لا ينبغي أن يتنازل عن محاسبة أي مقصر مهما كان في سلم المال والسطوة.. ودعونا (نتخيل) أن أحد هؤلاء القتلى هو ابن أحد كبار المسؤولين أو الأثرياء!!

@@@ اتكاءة الحرف:

يبدو أن أكاديمية الملك فيصل لاتزال تمارس نشر إعلانات الدبلومات التي ترفضها (وزارة التربية والتعليم) ولا تعترف بها (وزارة الخدمة المدنية) والضحايا هم هؤلاء (الباحثون عن الوظائف)!! ولاتزال سطوة المال وسطوة القوة والإداري تمارس دورها في إقصاء المواطنين الذين لا يملكون سوى قائمة الديون المالية التي تحملوها (مصدقين) إعلانات الاكاديمية (ووعود وزارة التربية والتعليم)!! ولا أعرف متى سيجد هؤلاء الخريجون من يدافع عنهم كما دافعوا عن المذيعة التي تعرضت للضرب من زوجها؟!