طالعتنا جريدة «الرياض» بنتائج دراسة هامة والتي قامت بها السيدة الفاضلة الدكتورة نورة آل الشيخ عن مستوى نظافة خزانات المياه بمدينة الرياض، وقد قرأت نتائج هذه الدراسة وأنا متأثر برؤيتين الأولى كأحد مستخدمي مياه الخزانات بالمملكة والثانية كأحد العاملين في مجال صناعة خزانات المياه.
وإذا تناولت رؤيتي الأولى كأحد مستخدمي مياه الخزانات، فاجدني أميل تماماً للاتفاق مع ما توصلت إليه نتائج الدراسة من حيث ان نسبة القائمين بتنظيف الخزانات كل ستة أشهر هي 23,9٪ حيث إنني منذ إقامتي في المملكة (منذ حوالي 11 شهراً) ولم أشاهد أو أسمع عن تنظيف الخزان الأرضي الخاص بالعمارة التي أقطن فيها وقد يرجع ذلك لصعوبة عملية التنظيف، كما قد يرجع إلى عدم جدواها نظراً لسهولة وسرعة تعرض الخزان للتلوث نتيجة لطريقة تغذيته بالمياه أو نتيجة للطريقة والمواد التي تم تصنيع وتركيب هذا الخزان بها.
كما تتوافق رؤيتي مع نتائج الدراسة في أن 71٪ من سكان الرياض لا يستخدمونها في الشرب واظن أن النسبة أكثر من ذلك فأنا لا استخدامها في الشرب أو الطبخ، وهذا بالرغم ما تقوم به مصلحة المياه والصرف الصحي بالرياض من جهد وكذلك ما تضعه وزارة الشؤون البلدية والقروية من اشتراطات فنية وصحية للحفاظ على المياه المخزنة من التلوث فالجهات المختصة لا تضن بجهد لضمان صحة وسلامة المياه، وهي حقيقة أبرزتها الدراسة أن المياه تصل للمنازل نقية ويتم تلوثها نتيجة لطريقة التخزين، ولكن علينا ألا ننسى دور القائمين على تخزين المياه سواء هذا الدور يتعلق بالعاملين بمجالات صناعة وتنظيف الخزانات أو كان هذا الدور يتعلق بسكان المنازل المسؤولين عن التنظيف الدوري لهذه الخزانات.
أما عند تناولي للرؤية الثانية، فبالرغم من قناعتي بما توصلت له هذه الدراسة من نتائج إلا أنني كأحد العاملين بصناعة خزانات المياه أجد العديد من الأسباب الأخرى التي تفسر النتائج الخاصة بأسباب تلوث المياه أثناء تخزينها والتي يمكن توضيحها فيما يلي:
1- هناك عنصر لا يمكن تجاهله بل يمثل مصدراً رئيسياً لتلوث المياه ألا وهو المادة التي يصنع منها الخزان وطريقة التصنيع، فالخزانات الأرضية يتم تصنيعها من الخرسانة ولا يتم عزلها بالطريقة التي تمنع تلوث المياه وانما يتم عزلها فقط لضمان عدم تسرب المياه خارجها دون أي مراعاة للجانب الصحي في ذلك. وقد يكون ذلك نتيجة للرغبة في تخفيض التكاليف أو نتيجة لعدم العلم بطريقة العزل الصحيحة والتي تتمثل في:
أ- عزل خارجي للجسم الخرساني بما يسمى بالرولات البوتومينية والتي يجب حمايتها جيداً بما لا يعرضها للتلف من الأعمال التي تليها أو من أعمال الدفان. وهذا العزل ضد المياه الجوفية حتى لا تتسرب إلى جسم الخزان أو داخل الخزان نفسه.
ب- عزل داخلي للخزان نفسه من الداخل وذلك حتى لا تتفاعل المياه الموجودة داخل الخزان مع الخرسانة والحديد، وهذا تستخدم به المواد التي تتعامل مع الخرسانة من مواد أسمنتية أو ايبوكسية وخلافه.
2- ان الخزانات العلوية قد يتم تصنيعها من الخرسانة أو من مادة الفيبر جلاس أو من مادة البولي اثيلين، ويمكننا تحديد أسباب تلوث المياه في كل حالة من خلال تحديد خصائص كل منها:
أ- بالنسبة للخزانات الخرسانية فإنها تحتوي على مسام تؤدي إلى تلوث المياه بداخل الخزان بأي سوائل أو مواد خارج الخزان، وذلك إذا ما تم عزلها بطريقة متقنة تماماً بما يمنع تلوث المياه وقد سبق توضيحها عند الإشارة للخزانات الأرضية، إضافة إلى ذلك فإن السطح الداخلي غير الأملس للخزان الخرساني يؤدي إلى زيادة احتمال تكون طحالب وذلك في حالة عدم تهيئة العزل لسطح أملس بدرجة كافية بما يمنع حدوث ظاهرة الطحلبة، وهذا ما يصعب تحقيقه في حالة الخزانات الخرسانية العلوية والتي تزداد درجة تعرضها لأشعة الشمس.
ب- وبالنسبة للخزانات المصنوعة من مادة الفيبر جلاس وهي المادة التي يمكن أن تتفاعل مع الماء تحت درجات الحرارة والظروف البيئية التي يتسم بها مناخ منطقة الخليج بصفة عامة والتي يصعب التحكم فيها عند تخزين المياه في مثل هذه الخزانات، إضافة إلى ذلك فإن مادة الفيبر جلاس لا تمكن من الوصول لسطح داخلي أملس للخزان وبالتالي لا تقاوم ظاهرة الطحلبة كما أن هذه المادة لا تمكن من منع أشعة الشمس (التي تحتوي على الأشعة تحت الحمراء) من النفاذ إلى مياه الخزان لعدم احتوائها على طبقة سوداء تمكن من امتصاص هذه الأشعة.
ج- وبالنسبة للخزانات المصنوعة من مادة البولي اثيلين، فبالرغم من أن المادة في حد ذاتها لا تتفاعل مع الماء في ظل الظروف الطبيعية (والتي أوصت الهيئة العالمية للأغذية والأدوية بضرورة تخزين المياه وجميع السوائل الغذائية في مواد Polymers والتي تندرج تحتها مادة البولي اثيلين) إلا أنه حتى يمكن الاستفادة من مزايا هذه المادة فلا بد من تصنيع الخزان بالاعتماد على تكنولوجيا القولبة والتي تمكن من تصنيع الخزان كقطعة واحدة لا تتجزأ بما لا يؤدي إلى وجود لحام به أو مسام وبما يمكن تصنيعه من عدة طبقات ذوات سماكات مناسبة لتوفير مياه صحية ونقية ويحتفظ بدرجة حرارة المياه داخل الخزان دون التأثر بدرجة الحرارة خارجه وهذا ما لا تستطيع توفيره العديد من الشركات المصنعة لمثل هذه الخزانات وذلك اما لعدم ادراكها لمزايا تكنولوجيا القولبة أو رغبة منها لخفض تكلفة الإنتاج لتخفيض سعر البيع للمستهلك والذي لا يمكنه ادراك فروق الجودة وتمييزها من شركة لأخرى.
في ضوء ما تم توضيحه عن الأسباب الرئيسية لتلوث المياه للخزانات وفي ضوء التوصيات التي تضمنتها دراسة الدكتورة نورة آل الشيخ فإنه يمكن التغلب على مشكلة تلوث خزانات المياه بتحديد دور كل من مستهلكي ومصنعي خزانات المياه والذي يتمثل في:
1- ضرورة الاعتماد على تكنولوجيا القولبة في صناعة خزانات البولي اثيلين مع ضرورة توفير الشركات المصنعة للمطبوعات والإرشادات اللازمة للمستهلكين بما يمكنهم من التعامل مع الخزان بالشكل الصحيح وبما يمكنهم من ادراك فروق الجودة التي توفرها تلك التكنولوجيا.
2- ضرورة تفهم المستهلكين لهذه الإرشادات وضرورة اتباعها مع ضرورة استعدادهم للتضحية بقدر أكبر من التكلفة المالية للحصول على مياه غير ملوثة ونقية.
3- ضرورة التزام الشركات المنتجة للخزانات بمسؤولياتها الاجتماعية تجاه المستلكين من خلال توفير الحملات التوعوية بأهمية التنظيف الدوري للخزانات مع ضرورة توفير الفرق اللازمة للقيام بصيانة الخزانات مجاناً أو بأسعار رمزية لا تزيد عن تكلفة عمليات الصيانة.
4- ضرورة توجه المستهلكين للاعتماد على خزانات البولي اثيلين كخزانات أرضية لا سيما وإن توافرت الخزانات المصنعة من مادة البولي اثيلين عالية التحمل.
5- تكاتف جهود الشركات المصنعة لخزانات البولي اثيلين مع الجهات الحكومية بما يضمن صحة وسلامة المياه المخزنة.
1
ممدوح
2006-02-19 12:52:48نعم يجب الاهتمام بخزانات المنازل ولكن ماذا عن تلوث مياه المصلحه وعدم صيانة انابيبها، ولانفاجارات التي تحدث كل مره ونقراء عنها في الصحف، كما حدث بشرق الرياض عندما اختلطت مياه المصلحة بمياه الصرف الصحي.
2
عبدالعزيز بن علي العسكر
2006-02-19 11:41:29فمن المسؤول عن ذلك؟؟؟
نسأل الله اللطف والعافية لمرضانا ومرضى المسلمين، وأن يعين كل موظف وكل مسئول على أداء الأمانة فقد صح [كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيه] فمن تولى مسئولية خزانات مدينة أو قرية أو آبارها فالمسئولية مشتركة بينه وبين من فوقه... أسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه. وصلى الله وسلم على الحبيب وعلى آله وصحبه.