كان هذا عنواناً لأحد كتب الدكتور محمد قطب، الأستاذ السابق في إحدى الجامعات السعودية، والأخ الأصغر لسيد قطب.
مفهوم الحاكمية كان هو الفكرة الرئيسية التي كان يدور عليها هذا الكتاب، والقارىء المتفحص لفكر الدكتور محمد قطب، يسهل عليه تبين أثر هذه الفكرة على الفكر الذي يطرحه، فهو بهذا ليس إلا متأثراً بأطروحات أخيه سيد، والذي أخذ هذه الفكرة وتأثر بها من مؤلفات أبي الأعلى المودودي.
والحاكمية، كما يعرف الجميع، كانت هي المصطلح الذي رفعته جماعات الإسلام السياسي في وجه مجتمعاتها، وجعلت منها حجة لتكفيرها والثورة عليها بحجة أنها مجتمعات جاهلية.
سيد قطب كان يرى أن مجتمعات الأرض كلها جاهلية، فيقول مثلاً في كتاب معالم في الطريق : (إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية) هذه القناعة شاركه فيها أخاه محمد، حيث يقول في كتاب جاهلية القرن العشرين : (وصارت الجاهلية في كل الأرض هي صاحبة السلطان).
ومن الملاحظ أن الأخوين يشتركان في قبولهما لتلقي المسلمين للعلوم الطبيعية أو باللغة القطبية كما يقول سيد : (العلوم البحتة وتطبيقاتها العلمية) من مصادر غير إسلامية، غير أنهما يقفان بشدة ضد أي تلقي للعلوم الإنسانية من هذه المصادر، وهما بهذا - بالطبع - يقفان موقف المخالف على طول الخط للمفكرين العقلانيين، أمثال طه حسين وسلامة موسى، فالأول يقول في كتاب مستقبل الثقافة في مصر على سبيل المثال : (إن سبيل النهضة واضحة مستقيمة ليس فيها عوج ولا التواء، وهي أن نسير سيرة الأوربيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أندادا، ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يكره، وما يحمد منها وما يعاب)، والثاني كتب في مقال له شهير بعنوان "السلفيون والمجددون" : (إن الحضارة كتلة متماسكة فلا يمكننا أن نأخذ بعضها ونترك البعض الأخر). محمد قطب، كان يرى في الفكر التنويري والإرجاء أكبر الخطر الذي قد يهدد الإسلام الحركي في طموحه بالقفز على كرسي السلطة، وذلك من ناحية كون التنوير هو المرجعية الفكرية للكثير من المتعلمين في الغرب، والذين نهلوا من علومه وثقافته، دون أن يتأثروا بالمفاهيم السلفية، هذا من ناحية الفكر التنويري وهو الفكر الذي عرفه محمد قطب بأنه : (حركة الإصلاح على النسق الغربي، المستفاد من أوربا)، أما من ناحية الإرجاء فكان مصدر الخطورة في هذه الفكرة بتفسيرها القطبي المتطرف أنها تقف حائلاً بين المرء وبين تكفيره للنظام الحاكم، بمعنى أن التنوير حاجز فكري يتبناه الناهلون من غير الثقافة الإسلامية، بينما الإرجاء هو حاجز ينبع من الثقافة الإسلامية ذاتها.
لذا، كان من الطبيعي أن يصب محمد قطب هجومه على هاتين الفكرتين، وتوسع كثيراً في تفسير مدلولاتهما، وأدخل فيهما رؤى وأفكاراً أخرى لا تدخل في الحقيقة تحت دائرة هذين المصطلحين، وذلك بسبب ما تعرض له المصطلح الأول من تشويه في الثقافتين العربية الإسلامية، وما يحمله المصطلح الثاني من رواسب فكرية في ذاكرة الإسلام السني، أي أن محمد قطب وبعد هجومه على فكرتي التنوير والإرجاء، أدخل كل موقف مخالف لرؤى وأفكار الإسلام الحركي في إحدى الدائرتين السابقتين، وذلك على حسب الحال، فإن كانت الفكرة المخالفة تنطلق من أسس إسلامية، فإنه يصفها بأنها من الإرجاء، وإن كانت تنطلق من أسس عقلانية، فإنه يتهمها بالعلمانية.
يقول محمد قطب على سبيل المثال في كيف ندعو الناس : (وأيا كانت الأسباب التاريخية التي أدت إلى تفشي الفكر الإرجائي، فقد أحدث مفاسد عظيمة في بنية الأمة منذ أخذت تتفلت من التكاليف، ثم يوهمها الفكر الإرجائي أنه لا بأس عليها من هذا التفلت، ما دام قلبها عامراً بالإيمان ! وتتدرج الأمة في التفلت حتى تقع في الشرك الواضح الصريح، سواء شرك الاعتقاد أو شرك العبادة أو شرك الحاكمية، ثم يظل الفكر الإرجائي يوهم الناس أنهم ما زالوا بخير، وما زالوا مؤمنين).
النص السابق يعتبر بتقديري نصاً كاشفاً، خصوصاً إذا انتبهنا لعبارة (شرك الحاكمية) الواردة في النص السابق، وراعينا أن الكتاب كان يدور حول فكر خلق (قاعدة صلبة) من المؤمنين بأهداف وغايات التيار الذي يمثله محمد قطب، تمهيداً للمرحلة الثانية، والحتمية في منظوره، المتمثلة ببدء الجهاد المقدس وإقامة الدولة الإسلامية المفقودة، مستعيداً بذلك تجربة الفترة المكية للدعوة النبوية، وما لازمها من كمون وسلم، والفترة المدنية للدعوة النبوية، وما لازمها من حرب وقتال.
وحتى لا يكون إطلاق الحكم على عواهنه فلا مناص من إيراد النصوص التالية من الكتاب المذكور :( إن وضع الدعوة الآن أقرب شيء إلى وضع الجماعة المسلمة في مكة، مع بعض الاختلاف، فإن اللجوء إلى العنف لا يخدم الدعوة، ويثير حولها من الغبش أكثر بكثير مما يوضح القضية ويبينها للناس).
ويقول أيضا: (في مرحلة من مراحل المسيرة يأتي دور توسيع القاعدة، عن طريق توجيه الدعوة للجماهير، وهذه المرحلة يمثلها في حياة الجماعة الأولى، جماعة الرسول صلى الله عليه وسلم، دخول أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب في الإسلام، بعدما كانت القاعدة الصلبة قد تم بناؤها من المهاجرين والأنصار). ويجيب الدكتور محمد قطب على سؤال افتراضي فيما لو قدّر للصحوة الإسلامية أن تنتهج الأسلوب السابق في دعوتها فماذا سيحدث؟ فيكون الجواب : (سيحدث الصراع! وهو أمر لا مفر من حدوثه).
هذا من ناحية الإرجاء، أما من ناحية التنوير، فإن الدكتور في كتاب قضية التنوير، يقر بفضل هذا التيار في: (تذكير الناس أن لهم حقوقا على حكامهم، وهو أمر كانوا قد نسوه من زمن بعيد، منذ غابت الخلافة الراشدة) و(تخليص فريق من الناس من خرافات الصوفية وأوهامها وقعودها وتواكلها وإقناع الناس بالإقبال على العلوم الكونية والاشتغال بها) و(إخراج المرأة من عزلتها، وجهالتها، ومحدودية آفاقها، وتفاهة اهتماماتها)، مما نتج عنه إمداد الحركة الإسلامية (بشباب متنور متعلم) و(نساء متعلمات واعيات).
وهو يقر بأن موقف التيار التنويري كان موقفا إيجابيا يخالف الموقف الإسلامي في لحظة انطلاق حركة النهضة التنويرية، حيث يقول : (الطامة كانت حين توهمت الأمة- في تخلفها- أن الاشتغال بالعلوم الكونية نقص في الدين، وابتعاد عما أمر الله به! بل وصل الأمر ذات يوم بمعاهد العلم الكبرى- كالأزهر- أن ترى أن الاشتغال بالعلوم الكونية كفر أو كالكفر، وأن العلم هو علم الشريعة وحده ولا علم سواه)، ورغم إقرار الدكتور للتيار التنويري بفضله في النواحي السابقة، فإنه يؤكد وبصرامة في كتابه المذكور على أن التنويريين لن يستطيعوا أن يقدموا للأمة إلا : (مزيدا من الهجوم على الإسلام، ومزيدا من الفوضى الخلقية، ومزيدا من التبعية للغرب وبالتالي مزيدا من الضياع)، والسبب الرئيس في هذا هو عدم إيمانهم في فكرة الحاكمية!
وهو يجزم بأن التنويريين المعاصرين مثل طه حسين هم الامتداد الطبيعي لرواد التنوير مثل رفاعة الطهطاوي، مع تأكيده على أن حسن النية المتوفر عند السابقين لم يكن متوفراً عند اللاحقين، وهي قناعة لم يجد مبرراً علمياً لتبريرها.
كان هذا عرضاً موجزاً للغاية لفكر محمد قطب، الأستاذ السابق في إحدى الجامعات السعودية كما أسلفت، وأحد أبرز واضعي مناهج التعليم العام في السعودية، والذي كانت كتبه تفرض كمتطلب إلزامي في مادة الثقافة الإسلامية على أغلب طلبة الجامعات في بلادنا، والذي تخرج على يده العديد من الطلاب السعوديين، سواء كان هذا عن طريق التعليم النظامي أو عن طريق القراءة المباشرة لمؤلفاته، وهو بالمناسبة من المكثرين في التأليف.
ويبقى سؤال أخير.. هل يستغرب أحدنا الآن حين يعلم ماهو سبب اختيار أحد طلاب محمد قطب لموضوع العلمانية والإرجاء محلاً لرسالتيه الجامعيتين (أشرف عليهما محمد قطب بنفسه) في مرحلتي الماجستير والدكتوراه ؟
مع ملاحظة أن رسالة الدكتوراه المذكورة قال عنها يوسف العييري - القائد الأول لتنظيم القاعدة في السعودية - في أحد مؤلفاته: أن التكفيريين يستقون الكثير من آرائهم في التكفير منها !
كم من رسالة أشرف عليها هذا الرجل؟ وكم من مفهوم خاطئ زرع في عقل تلاميذه، وكم من متطرف خرج من عباءة هذا الفكر؟ هذا سؤال مازال يحيرني، وإن كان الجواب يقلقني بشكل كبير.
1
يحيي حسن حسني عمر
2004-11-08 22:32:00تابعت بإهتمام ما كتبه الأستاذ الفاضل سعود عبد الله القحطاني في باب حروف وأفكار يوم 4 أكتوبر يشد النكير ويرسل الهجمة تلو الهجمة علي قمة من ذري قمم الفكر الإسلامي المعاصر ألا وهو الأستاذ العلامة محمد قطب، وقرأت المقالة عدة مرات لعلي أجد لهذا الهجوم مبرراً أو أجد من الشواهد والأدلة موضحاً، فلم أجد لذلك أثراً، إنما هو عرض لرأي الكاتب النهائي والقاطع في فكر الأستاذ محمد قطب وأخيه الأستاذ سيد قطب، وإدانة كاملة لهما ولأفكارهما شملت معظم مساحة المقال، ولم تترك الفرصة إلا للقليل من الإستشهادات، ليست بنبع إذا عدت ولا غرب.
بل المدهش أن الأستاذ سعود إذ ينعي علي مسؤولي المناهج الدراسية أنهم أفسحوا المجال لكتب الأستاذ محمد قطب لتدرس لطلاب المملكة في السنوات الدراسية المختلفة – وهو والله شرف وخير لكل من تتلمذ علي يده أو تدارس كتبه – إذا به يقرظ و يجزل المدح لكتب طه حسين وسلامة موسي ويطلق عليهم المفكرين العقلانيين ورواد التنوير، فالعلمانية المتطرفة إذاً أحب إليه مما سواها، ولم يبق إلا أن يهيب بتدريس كتب هؤلاء بدلاً من كتب الأستاذ محمد قطب !، وختم مقاله بركوب موجة إستعداء الدولة علي المخالفين بالحجة المعتادة أن أحد الإرهابيين صرح بأنهم يستقون أفكارهم من كتب أحد المشايخ الذين تتلمذوا علي يد محمد قطب !! ويتساءل في النهاية كم من مفهوم خاطئ زرع في عقول التلاميذ.
المقالة في مجملها إتهامات مكررة مرسلة نتاج قراءات خاطئة ومتعجلة، وقبل أن أفند تلك القراءة فلابد أن نقول أن الإنصاف يدعونا أن نعرف أقدار الرجال، لقد كان سيد قطب وأخيه لواءان من ألوية الحق مرفوعة، ولقد كان النور يملأ بصيرة الأستاذ سيد قطب عندما قال \" إن كلماتنا ستبقى عرائس من الشمع حتى اذا متنا من أجلها انتفضت حية وعاشت بين الاحياء \"، و قد كان، فلم يكن استشهاده - نحسبه شهيداً والله حسيبه – إلا علامة انطلاق لكلماته وأفكاره، فكتابه العبقرى (فى ظلال القرآن) طبع قبل استشهاده طبعة واحدة، ثم بعدها وحتى يومنا هذا نفدت منه أكثر من أثنتين وثلاثين طبعة شرعية، بخلاف الطبعات غير الشرعية، وكذلك كل كتبه طبعت منها عشرات الطبعات، فهل حقق الطغاة ما يشتهون؟!
لقد بقى لنا فكر سيد قطب كاملاً، أما الموت فمهما طال العمر لابد من قدومه، وما كان سيد قطب ليموت إلا يوم وساعة أن مات، وما أحسب قاتله قد زاد على أن ساق إليه الشهادة، وعلو الذكر فى الدنيا والاخرة، ثم تمعن الأقدار فى السخرية من الطغاة فتجعل بقدر الله للقمة الشاهقة قمة أخرى موازية، إنه المفكر العملاق محمد قطب متعه الله بالصحه والعافية، وأحسب أن فى مثله ومثل أخيه قال الحق سبحانه \" مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً \"، كانت كتابات محمد قطب إضافة عظمى للفكر الاسلامى، فهو صاحب ( واقعنا المعاصر) و (مذاهب فكرية معاصرة)، و(جاهلية القرن العشرين )، تقرأ له فكأن سيد قطب مازال حياً، يكتب بقلمه من خلال يد أخيه، وكأنه عاش ليكتب عن محن المسلمين التالية، ومنها محنة البوسنة والهرسك التى بدأت بعد موته بعشرات السنين، كتب عنها من خلال أخيه.
ارتكزت عبقرية سيد قطب ومحمد قطب على مرتكزات هامة تميزا بها عن غيرهم من المفكرين الاسلاميين المعاصرين، حيث جمعا بين عذوبة العبارة الأدبية، وبين جلاء الفكر وشفافيته ووضوحه، والقدرة على البعد عن مؤثرات الحضارة المادية الغربية والتخلص من رواسبها، فجاءت كتاباتهم تجسيداً للمنهج الاسلامى وتميزه عن سائر المناهج البشرية، وعندما تقراً كتاب الاستاذ عباس العقاد ( الديموقراطية فى الإسلام ) ثم تقرأ بعده (فى ظلال القرآن) أو (المستقبل لهذا الدين)، أو (جاهلية القرن العشرين ) أو (مذاهب فكرية معاصرة) وتجد كيف أن سيد قطب ومحمد قطب أوضحا بكل ما أوتيا من بلاغة وصفاء فكر أن النظام الاسلامى فى مجالات الحياة المختلفة ومنها المجال السياسى نظام مستقل تماماً ومتميز تماماً عن سائر المناهج البشرية الوضعية ولوتشابه معها فى بعض الجزئيات، عندها تدرك كيف أن فكرهما الإسلامى المتكامل تجاوز فى جلائه ووضوحه ودقة منهجه غيره من المفكرين ومنهم العقاد العظيم، فكانا قمتين علتا على كل القمم.
وقد ينظر البعض - مثلما فعل الأستاذ سعود - إلى فكر سيد قطب ومحمد قطب على أنه المعين الذى استقت منه الجماعات المتطرفة فيما بعد أفكارها، وأن ذلك يعيب فكرهما، وهى تهمه باطلة، فإن التطرف وفكر الخوارج تصنعه عوامل كثيرة، والخوارج فى كل زمان ومكان يعمدون إلى النصوص فيحملونها ما لم تحمل ويؤولونها على ما لم تتجه، فيخرجون بها عن معناها، وهكذا فعلوا مع كتابات الأخوين قطب الذان لم يقولا أبدا بتكفير المجتمع، وقد كانا يشهدان الجمع والجماعات مع الناس فكيف كانا يكفرانهم إذاً ؟! وإنما كانا يتحدثان عن جاهلية المجتمع إذا ابتعد عن تحكيم شرع الله فى سائر مناحى الحياة، ولم يستخدما مصطلح الكفر أبداً لتكفير الأفراد والمجتمعات كما فعل هؤلاء المتطرفون الذين فعلوا كما فعل اسلافهم الخوارج الأولون الذين كانت كل استدلالاتهم من خلال آيات القرآن يؤولونها على ما يريدون، فهل كان العيب فى القرآن أم فى تأويلاتهم ؟!!، وكذلك لم يكن العيب فى كتابات سيد قطب ومحمد قطب، وإنما كان العيب فى تأويلاتهم.
وانقطاع أمة الإسلام بماهيتها التي أرادها الله لها شئ معلوم أخبر به رسول الله صلى الله وعليه وسلم ولم يبتدعه سيد قطب ولا محمد، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد \" تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة\"، وقال صلي الله عليه وسلم \" لينقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة \"، ولقد تتبع الأستاذ محمد قطب خط الانحراف عن منهج الله في مؤلفه العظيم \"واقعنا المعاصر\"، وكيف أن حكم الخلافة الراشدة حل محله الملك الأموي بتجاوزاته، تلك التجاوزات التي تعاظمت في عهود العباسيين وما تلاها حتى صارت قواعد راسخة باعدت بين الأمة وبين ما أراده الله منها وأراده لها، حتى لم تعد هي أمة الإسلام التي تحدث عنها القرآن وحضت عليه سنة الرسول صلي الله عليه وسلم وأفنى الصحابة أعمارهم في سبيل إقامتها، وما أتى محمد قطب بجديد، والغلو ليس في كلماته وإنما في قراءتها.
وللأسف إلتقت قراءة الأستاذ سعود لفكر الأستاذ محمد قطب وأخيه مع قراءات الخوارج المتطوفين لنفس الفكر، فهؤلاء قرأوه نفس القراءة فتذرعوا بفكر الرجل لتكفير المجتمعات، وهكذا قرأها الأستاذ سعود مثلما قرأوها فأنتقد الرجل، والحق أن كتابات الأخوين قطب بريئة من تلك القراءة، ولقد طبعت كتبهما عشرات الطبعات، وخاصة (في ظلال القرآن) ووزعت منها مئات الآلاف من النسخ صارت نبراساً للآلاف من السائرين في طريق الله وأكثرهم من الشباب، فلم يكفروا المجتمع، وأنا أعرف العشرات ممن يقتنون كتب سيد قطب ومحمد قطب وقرأوها مثنى وثلاث، فلم تصل إليهم تلك القراءة المتعسفة، ولم يستخدم الأخوين كلمة الكفر مطلقاً، وهذا يؤكد ما وصل إليه جل من يقرأون لهما أنهما لم يقصدا التكفير ولا استخدما لفظته مطلقاً، ولو أراداه لاستخداما لفظته ولو مرة واحدة !! ولقد أثني علي سيد قطب رحمه الله مجموعة من أئمة هذا البلد منهم الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ بكر أبو زيد والشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي....وغيرهم كثيرين، فهل فاتهم ما وصل إلي الأستاذ سعود فرأي من الحق ما صرف عنهم !! اللهم لا، لكنه قدر الأخوين مع الظلم والمحن والصبر علي المكاره، أحدهما قضي نحبه في سبيل الحق والآخر ينتظر وما بدلوا تبديلاً.
م/ يحيي حسن حسني
2
ابوعبدالله
2004-10-04 22:17:00لعل قراءة السطرين الآخرين يغني عن قراءة ماسبقهما بل ويعطينا الفكرة الرئيسية عن هذا المقال الذي عاد صاحبه من خلاله الى الهمز والغمز في جانب شخصية دعوية اقضت مضاجع الكثير ممن يعتقدون ان الاضواء لابد ان تكون لهم وحدهم ، هؤلاء ومنهم كاتب السطور لازالوا يعيشون عقدة الخوف من (متلازمة سفر) التي تسبب لهم رعبا وقلقا لابد من اسقاطه وتأليب بعض الرأي العام (البسيط !!) عليه ومحاولة ربطه بكل ماهو سيئ وشر على هذه البلاد !!!!
لاتتعبوا انفسكم ووفروا سطروكم (فشنشنتكم نعرفها من أخزم) ولن تنطلي سطوركم على ولاة امورنا العقلاء ولاعلى العقلاء من مجتمعنا الذين يعرفون المفسد من المصلح !!
3
يوسف العبيد
2004-10-04 20:14:001 ـ ربطت بين فكر محمد قطب وأخيه سيد قطب مع الفارق بينهما لمن تامل ولم يقرأ قراءة سطحية كقرائتك
2 ـ تعريف الارجاء عند اهل السنة هو فصل العمل عن مسمى الايمان وجعل الايمان قلبي فقط وهذا يطابق تماما ما ذكره محمد قطب في النص الذي نقلت عنه .
فما المشكله من هجوم محمد قطب على هذا التيار الذي هاجمه اعيان اهل السنة في القديم والحديث .
ولماذا تخلط الامر وتجعل الفكر الارجائي ينبع من الثقافة الاسلامية . وهو في الحقيقة يصادم الثقافة الاسلامية .
3 ـ ما المشكلة في الكلام عن الحاكمية الم يقل الله تعالى ( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون ) ....الفاسقون ...الظالمون ...
4 ـ من الذي ينكر ان جميع البلاد الاسلامية لا تحكم بالاسلام غير السعودية وما المانع من وصف تركها لتطبيق الشريعة بالجاهلية الم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام لابي ذر ( انك امرء فيك جاهلية ) مع ان ابا ذر من الصالحين ولكن وصف قوله عندما قال لخادمه ( يابن السوداء ) بان فيه جاهليه .
وهكذا كل انسان وكل بلد يوصف بالجاهلية بقدر ما عنده من المعاصي وهذا ما اراده محمد قطب بان وصف الحكومات التي لا تطبق الشريعة بانه حكومات جاهلية . وهذه الجاهلية تتفاوت من حكومة الى حكومة.كما انه لا يلزم من اطلاق الجاهلية اطلاق الكفر كما هو واضح من قصة ابي ذر ، مع الخلاف الحاد بين العلماء الجهابذة في حكم الدولة التي لا تطبق شرع الله هل تكفر ام لا .
5 ـ محاولة تشويه المناهج التعليمية عن طريق تشوية محمد قطب . ومن الغريب كيف فات على المسؤلين وعقلاء البلد هذه المناهج المتطرفة وعرفها القحطاني .
6 ـ اذا كنا سنثور على محمد قطب لانه وصف الحكومات التي لا تحكم شرع الله بانها جاهليه فايضا يلزمنا ان نثور على الائمة الفضلاء الذين ثاروا على الحكام الظالمين من دولة بني امية وبني العباس مع انهم كانوا يحكمون الشريعة .
فالامامان الجليلان : عامر الشعبي وابراهيم النخعي وسعيد بن جبير شاركوا في ثورة ابن الاشعث ضد دولة بين امية .
وكذلك الامام ابوحنيفة دعم ثورة الامام زيد بن على على هشام بن عبدالملك .
كما ناصر ابو حنيفة ثورة محمد وابراهيم ابني عبدالله بن الحسن بن الحسن في ثورته على المنصور .
الشاهد ماذا قال جمهور السلف على افعال هؤلاء الائمة الفضلاء هل حاصروهم فكريا ، هل حذروا الناس من كتبهم .
لا لم يحصل هذا ابدا وانما اخذوا علومهم واستفادوا منها ايما استفادة وخطؤهم في خروجهم على الحكام .
وهذا الي ينبغي علينا عند التعامل مع الفضلاء فهم بشر وليسوا ملائكة .
والله الموفق .