تطورت قضية الصحيفة الدنماركية التي أساءت إلى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من قضية رأي وغضبة شعبية إلى قضية سياسية اختصرها الرئيس الأمريكي في خطابه مساء أول أمس الخميس بعبارة: (الغرب والإسلام). كانت أمريكا إلى أسابيع قليلة من الأزمة تحصر الصراع في إطار حرية رأي أي دول متمدنة يقابلها غضب متشددين إسلاميين لكن الأمر تطور وشعرت أمريكا والغرب أن بساطهم الذي مدوه تحت أقدامهم وأقدام الشعوب في العالم الثالث بعد هجمات 11/9 بدأ ينسحب وبقوة من تحت الأقدام لتطيح رسومات الصحيفة الدنماركية والصحف الأوروبية التي نشرت الصور - تطيح - بكل الأعمال العسكرية من القوات الأمريكية وقوات الأطلسي التي أرسلت إلى العراق وأفغانستان وأطاحت بكل الأعمال الإعلامية من إنشاء محطات إذاعية وتلفزيونية وشراء ذمم وضمائر وأطاحت بالعمل اللوجستي الذي قامت به المخابرات الأمريكية من أجل عزل منظمة القاعدة وفصلها عن الاتصال بالشعوب وتأثيرها على الرأي العام الإسلامي لمحاصرتها بمنظمة إرهابية معزولة في جبال أفغانستان والباكستان .
الصور المسيئة لنبينا الكريم جعلت أمريكا تخسر تخطيطياً وميدانياً لتتعسكر الشعوب الإسلامية الشارع الإسلامي في خندق واحد تحت شعار: «من يسخر من نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) فهو عدونا الأكبر». و هذا ما كانت أمريكا طوال الخمس سنوات الماضية تحاول أن تكسر هذه الفكر بأن تكون الحكومات الغربية في مواجهة مباشرة مع الشارع الإسلامي وليس كما خططوا له بمواجهة المنظمات الإرهابية.. وفي خطاب الظواهري الأخير وجه حديثه للشارع الإسلامي والشعوب الإسلامية أن تكون بمواجهة مع الغرب الذي وصفه بالمستعمر والمستبد الذي يجهض حقوق المسلمين.
خطاب الرئيس بوش أول أمس الخميس قال إن هذه المظاهرات تصب في مصلحة الدول المتطرفة وأشار إلى إيران وسوريا. لكن الحقيقة أن تحرك الشارع الإسلامي في المنطقة العربية والافريقية وشرق وجنوب آسيا يفشل ويسقط جميع الخطط التي هيأتها أمريكا لخريطة جديدة للعالم الإسلامي تحت مظلة محاربة الإرهاب ويفشل جميع الأجندة والملفات المعدة للتنفيذ للهيمنة ومد النفوذ على جميع المناطق الحيوية في الشرق الأوسط وآسيا تحت مظلة نشر المفاهيم والقيم الديمقراطية الغربية..
لذا فإن أمريكا تحركت وبسرعة باسم الاتحاد الأوروبي بعد أن فشلت خلال الأشهر الماضية في إجهاض قضية الصور وجعلها حدث عابر ينتهي بعد امتصاص الانفعالات العاطفية.. وأطلق الاتحاد الأوروبي العديد من المبادرات مرة بالتخويف عبر المقاطعة الأوروبية ومرة بسلاح منظمة التجارة العالمية وحالات أخرى بمغازلة الحكومات الإسلامية والبحث عن مخرج ينقذ مشروع الهيمنة الذي جاء تحت محاربة الإرهاب. فقد طرح مفوض العدل والأمن في الاتحاد الأوروبي: مشروع وضع لوائح أخلاقية لوسائل الإعلام لتفادي ثورة الغضب. الآن الأمر تجاوز مقاطعة المنتجات الدنماركية وانجر إلى مواجهة بين الشارع الإسلامي بكل فئات شعوبه العربية والآسيوية والأفريقية وبين الغرب وهدد حرب أمريكا وأوروبا على الإرهاب الذي اتخذ ذريعة للوصول إلى قرار وإرادة الشعوب الإسلامية... وهذا ما جعل الرئيس الأمريكي بوش يكثر من تصريحاته وأحاديثه خوفاً من أن يكون هناك ربط ما بين حربه على الإرهاب وبين الإساءة إلى النبي الكريم... دخول أمريكا على خط الصور الدنماركية يوسع قاعدة المواجهة فالأزمة في كل يوم تكسب عنصراً جديداً والشارع الإسلامي لا يرى أن الاعتذار كافياً ما لم تكن هناك روادع كبيرة تمنع تكرار الإهانات للمسلمين واستغلال ضعف المسلمين في الوقت الراهن.
1
د.نورة خالد السعد
2006-02-12 06:50:28السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
كلما قرأت لك حمدت الله كثيرا ,, فهذا هو الكاتب الذي يقرأ الحدث بعمق ,, ومصداقية ,, وبعد عن الأنهزامية التي تصبغ تقريبا ربع من يكتبون ممن يشيدون بالتعاطف مع الدانمارك.. ويجتزئون القضية من سياقاتها التاريخية والأقتصادية والعسكرية والسياسية ,, ولن أقول الثقافية ,, لآنها بعد مغيب قسرا ,,
2
حسين العتوم
2006-02-12 02:15:02بسم الله الرحمن الرحيم
الدكتور عبدالعزيز جارالله الجارالله
السلام عليكم ورحمة الله
اثني كثيرا على ما جاء في مقالتك, حيث وضعت يدك على قلب الحقيقة.
شكري وتقديري لك دكتور.
حسين العتوم
3
عبدالعزيز بن علي العسكر
2006-02-11 13:07:05وعندما نددنا بتفجيرات برجي التجارة العالمية ليس حبا لبوش..ولا خوفا منه... لكن لأن ديننا الإسلامي.. دين رحمة وعدل، وكرامة.. وتسامح... لا يقر قتل الأنفس المحرمة البريئة، ويحرم الهدم والخراب والدمار. ولا يجيز {السعي في الأرض فسادا} ولكن بوش وحزبه الحاكم وبعض حكام دول الاتحاد الأوربي {قوم لا يفقهون}