الإنسان العربي في مسيرته العلمية والفكرية عاش الحياة التي توارثها ولم يخترها، أو يعايش مفاهيمها المستقلة لكي تصبح حياته متكافئة، بل بقي بمعزل عن العالم وفق خصوصية لم يستطع تجاوزها ولم يلق رواجاً لغيرها فماذا عساه ينتج؟
هناك بعد أساسي يحمل المرء على تساؤلات كثيرة، لماذا فقد العالم قدرته على أن يصنع فلسفة جديدة للمستجدات الحديثة ولماذا يحث على تقبل حقائق مصطنعة اخترقت جدار الواقع فتقبلها الجميع دون استثناء وكانت كالأقدار لا مناص منها ولن ينفع فيها العلاج النفسي لأن القلق متنام والشعور مبرمج والقصور يختبئ في كنه العقول.
ونتناول فيما يلي أهم جانب في المنظومة الفكرية للفرد والنواة التي تحدد المعارف فيبحث معظمنا عن نتائج تصنع ما هو ممكن لتحسين مفهوم العالم والناس، وإدراك مستلزمات التفكير السليم لممارسة إنتاجية لا تقف خلف جدار الشعارات والقناعات المتصلبة التي تقصي الإمكانية، فأول ما يتعين علينا المساعدة على معرفة التيارات والمدارس الفكرية المؤهلة للإبحار في عمق العلوم وتعويض ما فات من انعكاسات حرمت الفلسفة ثم تعثرت تسوية الخلاف الشرعي لهذا التحريم.
فيقول طه عبدالرحمن في كتابه فقه الفلسفة: (أما علمتم أن الإنسان العظيم يورث التفلسف العظيم وأن التفلسف العظيم يثبت الإيمان العظيم؟ أيخفى عليكم أن الإنسان بإيمانه فيلسوف من غير أن يتفلسف، فماذا لو تفلسف؟ ألم يكن عظماء المفكرين من أهل الإيمان وعظماء المؤمنين من أهل الفكر؟).
وبمقتضى هذا التعويل علينا مراجعة الأفق الإنساني الضيق وتحويله إلى قوى مؤثرة وغاية تحرره من طبيعتها المقيدة ومزاعمها القديمة إلى عناصر هذا العالم ووجوده فكرياً مع الغير لئلا يظل نشازاً و"أنا" معزولة عن الحقيقة العلمية والمعرفية.
ومن الأمثلة الحية التي سنوردها هنا مستوى العلم والفلسفة في المغرب العربي والحركة العلمية في شمال إفريقيا والأدوار التي نبحث عنها لكي نتعلمها فنسعى إلى كتبهم ومحاضراتهم ومقالاتهم لأن فيها شيئاً أكبر وأعظم من مساحات أفقنا ومعارفنا، فلا معنى لدراسة لم تملأ الفراغات المظلمة بالنور، ولم تستثمر العولمة التي استغنت عن دور الإنسان، فعلومهم الفلسفية حققت المشروع الكبير الذي استند على دور الفلاسفة المسلمين وتفوقوا بشروحاتهم العظيمة وتصدر الفارابي المعلم الثاني بعد أرسطو منصة الفلسفة.
بل ان الأدهى من ذلك تجاهل التراجم لأشهر علماء المسلمين التي تعيد علوم فلاسفة الإسلام إلى وعي الناس وتنشر تاريخهم العلمي، بل ان هناك حقيقة جوهرية اكتفت بالعلوم المعطاة والمسموح بها، فما يضير المسؤول أو الموظف أو المثقف من قراءة هذه الكتب والتراجم وتطبيقها علمياً وعملياً على أرض الواقع عوضاً عن رفضها وعدم إجازتها في المقالات أو المؤلفات فالعلم لا يتوقف ولا ينتظر الإذن لحل شفرة الأجزاء المحيّرة.
وهذا يعزز المسؤولية المشتركة والاندفاع إلى تسويغ مهارة تضاف إلى فلسفة العلوم وتطوير المجتمع العلمي ودراسة البعدين النظري والتجريبي لتعديل الافتراضات المنفرة من كتب الفلسفة للباحث الذي يركن غالباً إلى كل ما هو مألوف فقط ويترك الجزء الأهم خشية التعارض مع الرأي العام وإقصاء شخصه.
فعملية التطور في المجتمعات النامية مكلفة جداً وهي بحاجة إلى توثيق علمي ومعرفي يحمي أفرادها من علاقة غير متكافئة وتخلف الوعي الأساسي، فلماذا الأجيال التي سبقتنا حددت أماكن معينة من التعليم وجعلت ما تبقى قيد إشكالية في إطار الحلال والحرام دون أدلة شرعية، فالفلسفة موضوعها الأساسي الإنسان وهو الرابط بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية ويعدها العلماء ظواهر فريدة غير قابلة للتكرار مهما تجاهلنا مكانتها من العلوم.
new.live911@hotmail.com
1
محمد عبد الله السويلم
2016-05-02 23:16:39لم ولن يرتقي مجتمع منع الفلسفة والفلاسفة. لأن الفلسفة اساس الحياة وهي السبيل لفهم الواقع والكون وهي طريق التقدم والتطور. انظر للتاريخ الإسلامي, تقدم المجتمع والعلوم عندما كثر الفلاسفة وانحسرا عندما حرمت الفلسفة. هاهو الغرب من تقدم لتقدم ومن اختراع وإكتشاف إلى إختراعات وإكتشافات تخدم البشري, كل هذا نتيجة الفلسفة. اما نحن فلا زلنا مكانك سر بسبب تعطيل الفلسفة.
2
متعب الزبيلي
2016-05-02 07:58:53لا جدوى من فلسفه في مجتمع، حين تفلسف يقال لك ( بلا فسلفه ) وماذا يقال في حال بالفعل هناك شي من فلسفه