هذا أسبوع أو شهر أو ربما حتى سنة رؤية السعودية 2030 التي لن يكون فيها للصحف ووسائل الإعلام والتعليم والتواصل الاجتماعي موضوعاً للمناقشة والحوار والخلاف إلا الرؤية وما تعنيه وما تحويه وكيف تصل إلى كل فرد وجماعة. رؤية أطلقها ولي ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الاثنين الماضي 25 أبريل 2016 لتغطي فترة الخمس عشرة سنة القادمة. ولكل كاتبة وكاتب دلو في هذه البئر التي نأمل ألا تنضب من الأفكار والمبادرات. وكثير مما يقال سيكون لا شك مكرراً ولكن من المهم أن يمارس كل شخص رؤيته الخاصة لهذه الرؤية التي ستقود البلاد في العقد القادم ونصف، ولن أطيل في انطباعي عنها عقب قراءتها ومشاهدة جزء من المقابلات التي أجرتها قنواتنا والقنوات الأجنبية. بشكل عام يمكن القول إن حلم الأمير يتوافق مع أحلام غالبية الشعب بكل فئاته إلى حد كبير، فالحديث طويل حول الشفافية والرفاهية والمحاسبة والتنمية والنهوض بالمجتمع والاقتصاد والسياسة والعمران والثقافة والإنسان، ومن منا لا يحلم بمستقبل أفضل وأشرق وأبهى؟ إننا نحلم به لنا ولأبنائنا وأحفادنا ومن هم وراءنا ليحظوا بحياة أفضل وأفضل وكل أساليب الأفضلية اللغوية والواقعية.
واضح من الرؤية أن مشكلات الوطن والمواطنين واضحة ومعروفة للقيادة، تتضح من خلال ما تطمح إليه رؤية السعودية 2030 مثل تحويلها لتكون "بيئة إيجابية وجاذبة، تتوافر فيها مقوّمات جودة الحياة للمواطنين والمقيمين"، "بناء منظومة تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل"، "وتوليد فرص العمل للمواطنين"، "تعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة وتشجيع ثقافة الأداء لتمكين مواردنا وطاقاتنا البشرية".
وتمر على الكثير من القطاعات الحكومية المختلفة وتطرح الكثير من البرامج مثل "برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية"، و"قوام" لرفع كفاءة الإنفاق، وتنتهي الرؤية وفي الصفحة 38 بتلخيص البرامج التي سوف تحقق الرؤية وهي برامج أولية سوف يلحقها برامج أخرى وتضم: برنامج إعادة هيكلة الحكومة، برنامج الرؤى والتوجهات، برنامج تحقق التوازن المالي، برنامج إدارة المشروعات، برنامج مراجعة الأنظمة، برنامج قياس الأداء، برنامج التحول الاستراتيجي لأرامكو، برنامج إعادة هيكلة صندوق الاستثمارات العامة، برنامج رأس المال البشري، برنامج التحول الوطني، برنامج الشراكات الاستراتيجي، برنامج التوسع في التخصيص وبرنامج تعزيز حوكمة العمل الحكومي.
وكما نرى فإن بعض هذه البرامج قد بدأ عمله وبعضها في الطريق، ولكنْ أمامنا مجهود جبار لتحويل كل هذه البرامج إلى واقع عملي والتي تقع جميعها بشكل أو بآخر تحت مسؤولية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وربما ما سوف تحتاج إليه الرؤية، كما قال الأمير في أكثر من موقع، النقد الهادف. فنقول إنه لا يبدو من الرؤية ذكر لما سبقها من رؤى أو من جهود مماثلة في القطاعات المختلفة كالتعليم أو العمل أو الاستثمار إلخ.. (إلا فيما يتعلق بمركز الملك عبدالله المالي) فليس من الواضح الفرق بين المحاولات السابقة التي توحي الرؤية الجديدة بأنها أخفقت ولم تتحقق. وليس واضح كيف ستتغلب الرؤية الحالية على مسببات إخفاقات السابق. ولم تتضمن الرؤية أيضاً أحلاماً أخرى تراود السعوديين والسعوديات بالحصول على مزيد من المشاركة النوعية في إدارة الموارد واتخاذ القرار.
والملاحظة الأخيرة تتعلق بالمرأة السعودية التي تبادلت أوساطها قبل إعلان الرؤية قائمة من الآمال والأحلام والهاشتاقات، في حين أنه لم تتم الإشارة إلا إلى رفع نسبة مشاركتها في سوق العمل، دون مؤشر إلى كيفية القيام بذلك لاسيما وأكبر معوقين لعملها: عدم اعتمادها على نفسها في الوصول إلى مقر عملها، وارتباط عملها بموافقة آخر، ما زالا قائمين.
التعليقات