العنف المجتمعي ظاهرة سلوكية إيذائية تقوم على إنكار الآخر.. وتلعب العوامل النفسية دوراً كبيراً فيها.. ويتم من خلالها استعمال العنف اللفظي أو الجسدي والاعتداء على الآخرين والتطاول على القانون من أجل تحقيق مصالح شخصية غير مشروعة.
وظاهرة العنف في مجتمعنا أخذت بالازدياد بشكل لافت في السنوات الأخيرة، مع ما يصاحب ذلك من سلوك شاذ من بعض الأفراد في الأماكن العامة أخذ يعكر السلم الاجتماعي ويقلق الجميع.. وتتمحور أسبابها في عدة عوامل اجتماعية واقتصادية وقانونية وسياسية.. وينحصر أهمها في ضعف الثقافة القانونية لدى شريحة كبيرة من الناس بسبب الجهل بالقانون باعتباره الوسيلة المشروعة للحصول على الحقوق، وهذا يدفع عدداً منهم إلى العنف وأخذ الحق باليد.
والناظر للشأن الاجتماعي حالياً يقرأ عناوين ساخنة تعكس حالة من التفسخ الاجتماعي بعد انتشار الجريمة داخل الأسرة الواحدة أو على نطاق المجتمع ككل.. هذه الجرائم أصبحت تحمل معها خطورة الابتعاد عن الالتزام بالدين، وعدم اتباع أوامره، فضلاً عما تشكله هذه الجرائم من خلخلة في بنية المجتمع، وتفكيك في نسيج الأسرة الواحدة، وهو ما يسبب انزواء لثقافة التسامح، وتغييباً لروح الحوار، حتى أصبح استخدام العنف الاجتماعي هو السبيل لحل الخلافات.. وآثاره طالت الإنسان والممتلكات وأمن الدولة.. واستمراره يؤدي إلى تراجع سلطة القانون ويؤثر على هيبة الدولة التي هي مصلحة أساسية للجميع.. لذلك لا بد أن تتعاون جميع الجهات ذات العلاقة للقضاء على هذه الآفة، لأن ذلك يؤدي إلى تشويه الوجه المشرق لمجتمعنا الطيب.. ويتم ذلك من خلال تشخيص دقيق للأسباب ووضع الحلول العملية الصحيحة لها، وتنوير وتثقيف الناس بأننا نعيش في دولة يسودها القانون كوسيلة حضارية لحل جميع النزاعات وعلى الجميع الابتعاد عن شريعة الغاب.
وبات من الضرورة العمل على وضع الخطط اللازمة والكفيلة بتحديد المسببات والمبررات وراء انتشار ظاهرة العنف المجتمعي، واقتراح الحلول الناجعة لمعالجتها واستئصالها، نظراً لما لهذه الظاهرة من آثار سلبية على المجتمع وصورته الحضارية والمشرقة.
ومن أهم الوسائل للحد من هذه الظاهرة الدخيلة تدعيم الثوابت الدينية والوطنية من خلال الأسرة - في المقام الأول - بدعوة الآباء لأبنائهم إلى التعايش السلمي وقبول الآخر وترسيخ قيم التسامح.. والمدرسة من خلال زيادة النشاطات اللامنهجية في المدارس لإشغال الطلبة بما هو مفيد والابتعاد عن كل ما هو ضار.. والمسجد كذلك بدعوة أئمة المساجد لتحمّل واجباتهم الدينية والأخلاقية، ودعوة الناس إلى التمسك بمنظومة القيم الموروثة عن الآباء والأجداد.
كما أنه ينبغي على المجتمع الاستفادة من الإنجازات العلمية في هذا المجال والاهتمام بالمهمّشين - أو مَن يشعرون أنهم مهمّشون - من خلال تعاون مؤسسات المجتمع المدني وتفعيل دور الإعلام، ومخاطبة الجهات المعنية لتوفير أماكن ترفيهية كالملاعب والحدائق وغيرها في المناطق السكنية، والعمل على خلق بيئة ديموقراطية هدفها التسامح والعدالة والمساواة.. وعلى وزارة الداخلية القيام بدورها والضرب بيد من حديد على هؤلاء الخارجين عن سيادة القانون وتغليظ العقوبات.. كل هذا يجعل الفرد في المجتمع يعرف ما له وما عليه من حقوق وواجبات في ظل الدولة رعاها الله.. ويكون مشاركاً في تنمية وبناء مجتمعه.. فالمواطنة الحقة لا تقوم على الشعارات؛ وإنما على الفكر والتعبير وإطلاق الإبداعات والطاقات.
1
انا
2016-02-24 04:22:06كلام سيليم سلمت الانامل الذهبيه.ننتظر المزيد