اعتّبر عدد من المهتمين في الشأن السياسي والاقتصادي اللبناني بأن ابتعاد المملكة العربية السعودية عن لبنان هو دليل على انهيار الدولة وسقوطها في يد مليشيات إيرانية هدفها الطائفية والتخريب بين أبناء الشعب اللبناني، داعين حكومة لبنان الى سرعة عودة العلاقات بين المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي قبل أن تشب الحروب الطائفية التي تسعى إليها مليشيات إيران في لبنان .

العميد حمادة: القرار السعودي أحد التداعيات المتوقعة للانهيار المتدرج للقرار السياسي اللبناني

وقال ل"الرياض" العميد الركن خالد حمادة مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات السياسية في لبنان: إن قرار المملكة في تجميد الهبة للجيش اللبناني وإعادة النظر بالعلاقات بين البلدين جاء مفاجئاً للسلطة اللبنانية أو خارج سياق التوقعات، وهذا القرار هو أحد التداعيات المتوقعة للانهيار المتدرج للقرار السياسي اللبناني ولسقوط مؤسسات الدولة أمام الهجمة الإيرانية، دون امتلاك الحد الأدنى من المناعة أو المسؤولية الوطنية، ودون الأخذ بعين الاعتبار

دياب: الحكومة اللبنانية مطالبة بالمسارعة في اتخاذ مبادرات إيجابية لتصحيح خطأ وقع في حق بلد شقيق

بالمصالح الوطنية اللبنانية وعلاقات لبنان الإقليمية، بل إنّ ما آلت إليه الأمور في لبنان هو جريمة بحق الدستور اللبناني، الذي يكّرس في مقدمته انتماء لبنان العربي وميثاق العيش المشترك بين جميع ابنائه، وبعيداً عن ضرورة مراجعة ما قدّمته المملكة للبنان من رعاية سياسية ودعم معنوي ومادي في أحلك الظروف، فقد تحلى قادتها عبر تاريخ العلاقات اللبنانية - السعودية بتفهم الظروف الاستثنائية التي فرضت على الساسة اللبنانيين تسويات جنّبت لبنان الدخول في أزمات داخلية أو إقليمية خلال فترة الهيمنة السورية وما بعدها، وأضاف أن المملكة لقد تعرضت لحملات من سياسيين لبنانيين ينتمون إلى حزب الله أو يدورون في فلكه، وسياسيين من التيار الوطني الحر الذي يقوده العماد عون، والتي كان آخرها مواقف وزير الخارجية اللبناني في الجامعة العربية ومنظّمة التعاون الإسلامي، حين تفرد بالخروج عن الإجماع العربي بإدانة الاعتداءات على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد، وأكد بأن مواقف وزير الخارجية اللبنانية غير المُدرك لمسؤولياته أحدثت انقساماً إضافياً في المشهد السياسي اللبناني، وحذّر في وقته عدد كبير من السياسيين من نتائجه، وكانت ردة فعل الحكومة لم تكن بالمستوى المطلوب لتدارك النتائج من خلال موقف جامع على مستوى لبنان وشعبه ،وكذلك العلاقات التاريخية التي تربطه في المملكة، وبين بأن التبريرات التي ساقها وزير الخارجية اللبناني من كتلة التيار الوطني الحر لم تستطع ترميم التصدعات التي أحدثتها مواقف الوزير غير المسؤولة، وأوضح أن الهبة السعودية للجيش اللبناني هي قادرة على إحداث نقلة نوعية في إمكاناته وفي قدراته على أداء مهامه، لاسيما تلك التي يقوم بها على الحدود الشرقية مع سورية، وإنّ تجميد هذه الهبة سيكون له مفاعيل سلبية على المستويين التقني والعملياتي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان وعدم وجود مصادر مالية بديلة، دون أن يدفع ذلك باتجاه أي تطوير إيجابي على المستوى السياسي، وإنّ المسألة تكمن في كيفية تقويم الأداء السياسي للحكومة الذي يجب أن يلتزم الإجماع العربي، وكيفية زيادة قدرتها على مواجهة الانغماس في أي محور إقليمي، بمعنى أدق كيف يمكن العمل للوصول إلى إعلان حكومي يرسم حدود الالتزام اللبناني العربي، على أن يترافق مع تدابير تنفيذية أمنية وسياسية تحدّ من حالة التسلط على المرافق العامة والحياة اليومية للمواطنين في العديد من المناطق، ومن الناحية العملية تجسيد النموذج الذي تريده الدولة لمواطنيها،

رزق: المملكة تواجه مشروعات إيران التوسعية لحرصها على وحدة الصف العربي

حيث تنتشر وتعمل مؤسساتها وإظهار النموذج الآخر حيث ينتشر حزب الله، وأشار إلى أنّ تلويح بعض السياسيين بأنه يمكن لإيران أن تقوم بتعويض الجيش عن الهبة السعودية هو كلام في غير محله، لأنّ السياسة الإيرانية المتّبعة في لبنان وسواه من الدول العربية تقوم على إنشاء مليشيات مذهبية رديفة للقوى الشرعية وإقامة دورة اقتصادية لمحازبيها بعيداً عن الدورة الاقتصادية الوطنية وعلى حسابها، وبالتالي فإن الاستثمار في الموقف لن يخرج عن المزايدة الإعلامية التي تدعو المواطنين إلى التشكيك في دعم المملكة وسائر دول مجلس التعاون الخليجي للبنان، أما على صعيد اتّخاذ إجراءات بحق اللبنانيين العاملين في دول مجلس التعاون، قال حمادة : فإن اللبنانيين مجمعون على أنّ لهذه الدول الحق المطلق في حماية أمنها واتخاذ التدابير اللازمة بحق الأشخاص أو المؤسسات التي تعرّض أمنها الوطني للخطر، لذلك ينبغي أن تكون هذه التدابير موجّهة ضد الأشخاص الذين يقومون أو يخططون للقيام بأعمال أو بتحويلات مالية مشبوهة، وفي هذا المجال يمكن أن ينشأ تعاون أمني لبناني خليجي لمتابعة هؤلاء الأشخاص أو المؤسسات، هذه الإجراءات من شأنها إعادة الثقة بالدولة اللبنانية وتجاوز حاجز القلق الذي يعيشه اللبنانيون في دول الخليج العربي، ويمكن أن يكوّن المقدمة لمساعدة لبنان في إعادة تكوين دوره على الخارطة العربية، دور قوامه واجبات لبنان العربي والموجبات العربية تجاه لبنان.

النفوذ الإيراني دون شعبية

وقالت لينا دياب إعلامية مهتمة في الشأن السياسي اللبناني السعودي إن الموقف السعودي في إيقاف الهبة المالية المقررة لتسليح الجيش اللبناني أتي في سياق احتدام الصراع مع إيران، وليس المقصود به استهداف لبنان أو الجيش اللبناني بل لحصار النفوذ الإيراني، الذي استطاع حزب الله السيطرة على الكثير من مؤسسات الدولة فيه، والإمساك بالمفاصل الأساسية للسلطة التنفيذية التي باتت عاجزة عن إيجاد ولو توازن مقبول في العلاقات العربية - العربية، أو التأثيرات الإقليمية الممثلة أساساً في هذه المرحلة بالسياسة الإيرانية التوسعية، وقالت: نحن نتمنى من قيادة المملكة الكريمة الاستمرار في الانفتاح على القوى اللبنانية الوطنية المناوئة للهيمنة الإيرانية، والتركيز بالدعم والإسناد على المناطق اللبنانية التي يمكن الاعتماد عليها لمواجهة نفوذ حزب الله، وذلك من خلال دعمها سياسياً واقتصادياً وبالمشروعات التنموية، وأكدت بأن النفوذ الإيراني ومن خلال حزب الله وباقي حلفائه لا يملك قاعدة شعبية كبيرة ،إذا يعتمد على مليشيا الحزب المسلحة من إيران والممولة مالياً من هذا البلد، ومن المهم العمل على تجريده من ذريعة المقاومة واعتبار سلاحه مثل أي مليشيا، وعلى الحكومة اللبنانية وحدها صاحبة السيادة على قرار الحرب ،وشددت من الضروري اعتبار تدخل حزب الله في سورية يخرق بشكل فاضح الموقف اللبناني الرسمي المتمثل في سياسة النأي بالنفس، وعلى الحكومة اللبنانية المسارعة في اتخاذ مبادرات إيجابية لتصحيح الخطأ الذي وقع في حق بلد شقيق لطالما كان داعماً للبنان، وأن تتدارك الموقف الغريب والمستنكر والمرفوض لوزير خارجيتها المتعارض مع قرار الإجماع العربي، والذي أدان بأكمله الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، رأفة بلبنان وحفاظاً على استقراره الأمني والاقتصادي على حدّ سواء، وعلى العلاقات الأخوية بينه وبين أشقّائه العرب، فالرّجوع عن الخطأ فضيلة.

طفح الكيل

وأكد إيلي رزق رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية - السعودية أن ما بين المملكة ولبنان ما جمعه الله سبحانه وتعالى من محبة وأخوة لا يفرقه حزب الله ، وأضاف مما لا شكك فيه بأن قرار المملكة في وقف الهبة العسكرية للبنان جاء بعدما طفح كيل المملكة وعيل صبرها من تمادي الموقف الرسمي اللبناني في نأيه عن دعم قضايا أمتنا العربية المحقة في مواجهة الاعتداءات الإيرانية السافرة على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران ،والتدخل الإيراني السافر في شؤون عواصم عربية بهدف زعزعة أمن واستقرار أمتنا العربية،وما مواجهة القيادة الحكيمة للمملكة لمشاريع إيران التوسعية إلا حرص المملكة على الدفاع عن الأمة العربية وصون لوحده الصف العربي ،وحماية مصالح الشعوب العربية والإسلامية في مواجهة الغطرسة الإيرانية في المنطقة، ونحن نقدر ما قدمت المملكة للشعب اللبناني وكلنا ثقة بأنها لا تترك أبناء الشعب اللبناني وحيداً تحت سيطرة المليشيات.


لينا دياب

إيلي رزق