ليس في الأمر أدنى مبالغة حين أقول إن أكثر منصب يُلاك على ألسنة السعوديين اليوم هو منصب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، وهو إلى جانب ذلك فهو أكثر منصب يتعرض إلى حالة تنظير غير مسبوقة في تاريخ البلاد، فالكل اليوم يتقمص دور المنَظر تجاه رئيس الاتحاد القادم بما ينبغي عليه أن يفعل وما لا ينبغي عليه أن يفعل.

ثمة أسباب كثيرة أدت إلى هذا الوضع أهمها مرور اتحاد الكرة قبل ثلاثة أعوام بأول تجربة انتخابية بعد 60 عاماً من خضوعه إلى مبدأ التعيين في اختيار الرئيس والأعضاء، إلى جانب أن التجربة الوليدة شهدت كثيرا من اللغط في فترة التحضير للانتخابات حتى حمى صفيحها خلالها وبعدها حين تنافس احمد عيد وخالد المعمر، إضافة إلى أن التجربة في السنوات الثلاث الماضية لم تعط أدنى مؤشر للنجاح قياساً بالوعود والآمال، كما أن التصعيد الذي تشهده الساحة بين كل المتماسين مع اتحاد الكرة أدى إلى هذا التوتر الشديد الحاصل اليوم.

في هذا السياق وحيث ترتفع وتيرة التحضير لمرحلة ما بعد "اتحاد عيد" سئلتُ قبل أيام عبر استطلاع للرأي أجرته إحدى القنوات الفضائية حول رأيي في أهم ملف ينبغي على الرئيس المقبل الإمساك به، وعلى الرغم من أن الحلقة مسجلة وقد أعطيت فرصة لساعات للتحضير للإجابة قبل البدء في التسجيل إلا أنني بقيت طوال تلك الساعات أقلب في ذهني كل الملفات لأختار أياً منها الأهم، فوجدت أن التركة التي تنتظر الرئيس المقبل تركة ثقيلة بما فيها من أخطاء جسيمة، ومشاكل معقدة، وفوضى عميقة، وحساسيات مفرطة.

ملف المنتخبات كان يقفز على كل الملفات في مخيلتي بإصرار واضح على التواجد في سباق الأهمية، بيد أن ملف التحكيم كان ينافسه كتفاً بكتف، ولم يكن بعيداً عنهما ملف اللجان القانونية، بل إن ملف الاحتراف بما يثقله من إشكالات تسجيل، وحقوق معلقة، وفوضى مالية كان يتجاوز تلك الملفات مع اشتداد السباق، وفجأة كان ملف الأمانة العامة يأتي من الخلف وكأنه يصر على الفوز بسباق الأهمية من بين كل تلك الملفات التي تأخر بعضها على أهميته كالمسابقات والإعلام والمالية.

ذلك التنافس المحموم الذي حول مخيلتي إلى مضمار سباق لم ينتهِ بفوز أيٍ من تلك الملفات على قوتها وأهميتها؛ إذ قطع عليها السباق ملف حمل عنوان استعادة الثقة بين الرئيس المقبل ومجلس إدارته مع بقية أضلاع الكرة السعودية؛ ليفرض نفسه على السباق ويتوج نفسه الملف الأكثر أهمية على الإطلاق.

نعم .. فإن بناء جدار الثقة بين الاتحاد المقبل والوسط الرياضي بمختلف مكوناته هو من الأهمية بحيث لا يمكن للرئيس المقبل ورجاله أن ينجحوا في ترميم أي ملف من ملفات الكرة السعودية ما لم يبدأوا بتشييده، ولن يكون ذلك إلا مع اللحظة الأولى من تفكير أي مرشح في تقديم ملفه الانتخابي، حيث أي غلطة يرتكبها أي من المرشحين ستجعله يتحمل وزرها طوال مشواره المزروع بالألغام، واستعادة الثقة على صعوبتها فلا يمكن أن تكون إلا باختيار الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب، ويا ليت الجدار يسلم!.