يدشن اليوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله) مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، والذي مثل تأسيسه منعطفاً مهماً في تاريخ التعاطي مع المسألة النفطية وبحوث الطاقة في وطن يُعد من الرواد في استخراج وتصدير النفط.. ولم تكن فكرة المركز نابعة من عملية اجتهادية أو توارد خواطر، وإنما جاءت بعد سلسلة من الورش التي شارك فيها عدد غير قليل من الباحثين من مختلف دول العالم الذين أكدوا بأنّ هذا المركز سيحقق نقلة استراتيجية في تعامل المملكة مع هذا المورد الطبيعي "النفط" إضافة إلى اهتمامه بكل ما يتعلق بمواضيع الطاقة العالمية.

ولعلّ من المناسب مع احتفائنا بعملية التدشين التي تتم برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين - وهو ما يعطي إشارة واضحة إلى اهتمام الدولة بهذا المركز البحثي - يجعلنا نتفاءل بأبحاث ودراسات استثنائية وغير تقليدية تتعلق بهذا المورد المهم وتسعى إلى استثماره محلياً وعالمياً..

وكنت قد كتبت في هذه الزاوية قبل عامين تحت عنوان "نحن وبدائل النفط" أهمية لفت الانتباه إلى ما يمكن أن يحدثه استخراج واستثمار النفط الصخري وما يمكن أن يلحق بسوق النفط "التقليدي" من تقلبات في الأسعار تجعل من غير المجدي بشكل اقتصادي على الدول المصدرة للنفط بيعه وتصديره بل تؤكد أهمية استثمار هذه الطاقة من خلال تبني صناعات مشتركة مع دول متميزة في مجالات مختلفة تتعلق بالمنتج النفطي وتحويله إلى منتجات أخرى و"ربما" العمل على تصديره، وكنت قد تساءلت عن المنجزات التي يمكن أن يحققها هذا المركز الذي قدم له الوطن الكثير سواء ما يتعلق بالعمليات الإنشائية أو الوقفية التي تضمن استمراريته وديمومة عطائه، وهل سيقدم دراسات تخدم القضية النفطية في وطننا؟

وهذا ما يقودنا إلى تساؤل آخر حول منجزات بقية مراكزنا البحثية المتخصصة في هذا الوطن العزيز وما الذي قدمته للاقتصاد الوطني وللمجتمع المحلي بشكل عام، وهل منتجاتها تُحقق الفائدة المرجوة أم أنها تودع أدراج وأرفف المكتبات، وهو ما يتم حالياً في كثير من الدراسات والأبحاث التي يقدمها منسوبو الجامعات وأعضاء هيئة التدريس فيها وطلاب الدراسات العليا؟

الدراسات والتوقعات تُشير بقوة منذ عدة أعوام إلى أنّ بدائل النفط تُدرس بقوة أيضاً على مستوى عالمي، وأنّ النفط الصخري قادم لا محالة.. وتُشير أيضاً تقاريرنا الإحصائية إلى حجم استيراد الوطن والدول المجاورة لمنتجات تعتمد على المسألة النفطية بشكل كبير، الأمر الذي يجعلنا نتساءل، هل يمكن أن يحقق لنا هذا المركز تطلعاتنا في معالجة قضايا مصيرية تؤثر وتتأثر بالمسألة النفطية واقتصادنا الوطني؟

ولعلّ من أهمها ما يرتبط بالتوسع في الصناعات التي تعتمد على مورد النفط لتحقيق الاكتفاء المحلي وربما التصدير لدول المنطقة أيضاً ثم ما يرتبط بكيفية معالجة تقلبات أسعار النفط وما يمكن أن يحققه ذلك من آثار اقتصادية على وطننا العزيز..

ولنا كبير الأمل في أن يكون مركز الدراسات والبحوث البترولية البوصلة الجديدة التي تساهم في مساندة جهود التحول الوطني الذي يسعى الوطن بكافة قطاعاته إلى تحقيقها.. ودمتم.