للملتقيات الفكرية دور كبير في توعية المجتمعات وتثقيفها، فهي بمثابة دروس حياتية تتنوع فيها الفائدة، وبدأت كثير من الأمسيات تنشط في المنازل يرتادها أهل العلم والمفكرون ومن يريد المعرفة، مدركين أهمية دورها في المساهمة في حماية النشء من الأفكار الضالة.

ومن خلال مرتاديها من المختصين وأهل الفكر والعلم بدأت مناقشة الكثير من القضايا مدار حديث المجتمع، مناقشة قضية خطيرة ألا وهي: تأثر الشباب صغار السن بالأفكار المنحرفة.. دوافعها وأسبابها، وكيفية مراقبة وتوجيه ما يتابعه أبناؤنا من أفلام أو وسائل تواصل اجتماعي، لأن بعضها استطاع أن يحول شخصيات أطفالنا إلى شخصيات عدوانية، تحرض على الحروب وتتعلم استخدام الأسلحة وتصنيعها، وتكرههم بالشعوب الأخرى، لينشأوا عدوانيين كارهين للآخرين.

ملتقيات مناصحة

بداية أشاد د. سعود الفايز بالملتقيات الفكرية المنزلية التي تعد بمثابة مواقع مناصحة للجميع كباراً وصغاراً، ويجب أن تؤدي دورها في المجتمع كما يجب، ومن أهم ذلك أن تتصدى لمكافحة الفكر الضال ومحاربة الإرهاب، مؤكداً أن البيت والمدرسة والمسجد أيضاً من الأسباب المعينة في التوعية من ذلك.

وقال: إننا نعيش في نعم ورغد في العيش والأمن، ووحدة الصف وهذا ما لايريده أعداؤنا، وللأسف لذلك لم تسلم بلادنا من الإرهاب لذا يجب أن نعمل على حماية المجتمع من ذلك.

وأضاف أن الدولة رعاها الله لن تقف مكتوفة الأيدي أمام استهداف أبنائها، وجميع مؤسسات الدولة وأهمها وزارات الداخلية والتعلىم والشؤون الاجتماعية والثقافة والإعلام تسعى لمواجهة هذا الاستهداف، ولن يتمكن بغاة الشر والضلال بإذن الله من تنفيذ مخططاتهم، ولكن قد ينفذ هؤلاء المجرمون لأبنائنا من خلال أشخاص لديهم اضطرابات سلوكية وتكوين نفسي شاذ، يعينون أعداءنا علينا، ولكن علماءنا بدأوا يستشعرون الخطر وأخذوا على عاتقهم الشرح والنصح للشباب من خلال القنوات الرسمية لردم الهوة الثقافية بين الأجيال ولتضييق الخناق على من يريد بهم سوءا، من وسائل إعلام ووسائل اتصال يختبئ الاشرار فيها خلف معرفات وهمية غالبها من خارج بلادنا.

الانعزالية

وتحدث صلاح سلطان عن خطر الفراغ الفكري وكيف أن قادة الإرهاب يعانون من خلل نفسي بسبب الانعزالية التي عاشوها في طفولتهم وبداية حياتهم، وقال: إن الفراغ الفكري ولد لديهم حب الشر والانتقام، فإذا عاش الشخص في فراغ فكري ولم يوجه، فسوف ينضم لأي جهة إرهابية قد تستعطفه وتملأ فراغه الفكري بما تريد، مضيفاً إذن يجب التعامل مع المراهق وشغله في أمور ذات قيمة مضافة له ولمجتمعه، ويجب أن ننمي فيه حب الابتكار والاطلاع ومشاهدة ماينفعه حتى لا نفقده، مبيناً برأيي أن هذه أهم نقاط يجب الحديث حولها، ولابد من تقوية دور الأسرة والرقابة في حياة الأبناء والتأثير الإيجابي عليهم.

وأكد أن مرض العزلة الاجتماعية، قد يصيب الأبناء بانحراف أفكارهم ويلوث معتقدهم لذا لا يجب أن يتركوا لوحدهم أمام الإنترنت وغيره لساعات طويلة دون رقابة، ويجب متابعة أبنائنا وما يطالعون من أفلام أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن هناك تأثيراً على شخصية الطفل لجعلها عدوانية، حيث بعضها تحرض على الحروب وتعلم استخدام الأسلحة وتصنيعها، وتكرههم بالشعوب الأخرى، فينشأون عدوانيين كارهين للآخرين.

استغلال العواطف

ويقول سليمان العطاوي -مدرب-: إن الفكر الداعشي أو الفكر المنحرف والفكر الضال، يستهدف المراهقين الأقل أعماراً، ممن هم في سن 15 عاماً ودون ال20، ونجد أن الاستهداف يأتي من خلال الألعاب الإلكترونية وغيرها، لذا يجب مراقبتهم بدون شدة، وأشار إلى أن بعض الدول تفرض رقابة صارمة على الشباب، فمثلاً في الصين يحرصون على أن الشباب والمراهقين لا يمكن لهم فتح بعض وسائل التواصل كالفيس بوك أو اليوتيوب -ممنوع - لأنهم حريصون على الا تصل لهم المعلومات المضللة، من أمثال من المنظمات الإرهابية كداعش وغيرها، مضيفاً ومن خلال هذه الأمسية أقدم نصيحة للآباء لابد أن تكون علاقة الأب وأبنائه علاقة أكثر التصاقاً، وتفعيل الحوار معهم لمعرفة كل ما يدور في أفكارهم، وعزلهم عن من بدأوا يستهدفون حتى المساجد، وإذا لم نحم عقول أبنائنا من خطط هؤلاء المجرمين ولم نتصد لهم بفكر وبجدية فسوف يستهدفوننا في الشوارع وعند الإشارات، فيكفي انهم يفجرون المساجد ويقتلون الأبرياء فتجد الشخص يقتل ابن عمه والآخر يقتل أبوه وآخر يقتل خاله هؤلاء لا يمتون للإسلام بصلة، وإذا نظرنا إلى الشباب الذين يتحكمون في عقولهم نجدهم عديمي المعرفة وعديمي العلم فهم يستهدفون بلداً ينادى فيه بالأذان لإقامة الصلاة خمس مرات في اليوم، وفي بلد نجد في الحارة الواحدة أكثر من 20 مسجداً ويحكم الشريعة الإسلامية.

وفي مداخلة للعقيد خالد القحطاني قال: إن هناك من يستغل عاطفة الشباب الناشئ فيدخل عليهم من هذا الباب، كما أن هناك آباء وأمهات يسبون كل ما حولهم والنتيجة أن ينشأ الشاب ناقماً على المجتمع، فيجب أن يكون هناك شفافية بين الأب والابن والأم والفتاة والأولاد يسألون بدون حواجز وبدون حرج، وان يسألوا أسئلة مباشرة وان نعطيهم إجابات وافية، فهذا الخطر يمكن أن يواجه أي بيت، فيجب ألا نتراخى في المواجهة.

وأضاف إن وزارة الداخلية مشكورة تبذل جهوداً كبيرة في مكافحة الفكر الضال لذا يجب أن يكون للأسرة والتعليم أدوار كبيرة في ذلك، كما يجب أن تكثف وزارة الثقافة والإعلام التوعية والرقابة الصارمة لكل مايباع أو يبث من أفلام تدعو للفكر الضال، كما أن على الصحف والكتاب مسؤولية كبيرة بأن ينقلوا المعلومة بطريقة مبسطة يفهمها أبناؤنا وأن يكتبوا عن خطورة ما نواجهه من خطر حقيقي يتطلب تكاتف الجميع لمحاربته.

لا دين للإرهاب

د. إبراهيم الحمود -الاستاذ في المعهد العالي للقضاء- قال: هناك حقائق لابد من معرفتها، وهي أن الإرهاب أيا كان نوعه ليس له جنسية وليس له دين، فهو داء في العالم بأكمله، ولا مشاحة في الاصطلاحات، فسواء سميناهم خوارج أو داعشاً أو سميناهم القاعدة، فهدفهم واحد وهو الاعتداء على الأنفس البريئة وزعزعة الأمن والاستقرار والترويع وتخويف الآمنين، فهذا هو الهدف الأكبر لهذه المنظمات الإرهابية، والحقيقة لابد أن ندرك أن هذا العصر الحاضر ما ظهرت فيه هذه المنطمات الإرهابية إلا أن لها أسباباً وعوامل ساعدت على خروجها، فقبل 20 أو 25 عاماً ما كنا نسمع بهذه المنظمات، وإن كانت موجودة ولكن بشكل مصغر، ولكن في الوقت الحاضر أصبحت ظاهرة، فلنبحث عن الأسباب التي أعانت على ظهور الارهاب، وأيضاً لماذا استهدافهم للشباب بصفة خاصة، وهذا شيء مهم يجب أن نقف عنده، ونحن نعلم أن الفكر درجات ومراحل، هناك مرحله النضوج العقلي التي يستطيعون التغلب عليها، لذلك استهدفوا الفئة السهلة الانقياد.

صغار السن

وأضاف د. الحمود انه لو تم إجراء استبيان فسنجد أن أعمار من يتم استهدافهم من قبل المنظمات التي تحمل أفكار منحرفة هم من صغار السن الذين أعمارهم 15-17 عاماً، وأيضاً مراحلهم التعلىمية لاتتجاوز المرحلة الثانوية، إذن هذه النقطة يجب أن نقف عندها، وهي أن ندرك أن مواصلة أبنائنا لتعليمهم الجامعي وما فوقه أمر مهم، لأنهم إذا وصلوا إلى مرحلة النضوج فبإذن الله لا يستطيع احد قلب أفكارهم، ومعلوم أن هذه التصرفات التي جعلت الإنسان يهون عليه دم المسلم أنه ماجاء من فراغ، فالمسلم العادي المتوازن المعتدل أحيانا لايستطيع أن يذبح دجاجة، فقلبه لايسمح له بذلك، فكيف يجرأ هذا الشاب الصغير على قتل إنسان مسلم، ويهون عليه دمه، إذن لاشك أن هناك دوافع جعلت دم المسلم يهون عليه، مبيناً في الحقيقة نحن نعيش الآن ثورة إعلامية وفضائية، فيما نسميه فوضى الابتعاد عن الدين، نعيش فوضى قنوات فضائية وقنوات تواصل اجتماعي، ولاشك أن هذه مجتمعة لها دور كبير فيما يحصل الآن، وأنا قرأت مقالاً أن مدرسة سألت طالبات بخصوص هذا الموضوع موضوع الألعاب الإلكترونية فقالت طالبة أنا استخدم الألعاب الإلكترونية وألعب مع شخص لا أعرفه وعندما سألني أنت مسلمة قلت نعم فقطع الاتصال بي ولو قلت أني كافرة ما قطع الاتصال، والثانية تقول: أنا استخدم هذه الألعاب في تهديم القرى، والثالثة تقول: أستخدمها في قتل رجال الشرطة، اولئك البنات فما بالكم بالأولاد، وهذا يعطينا دلالة واضحة أن هناك من استطاع غسيل أدمغة أولادنا فلا ينبغي أن نترك الحبل على الغارب لأولادنا للتعاطي مع هذه الألعاب التي غزت مجتمعنا دون تدقيق وفرض ضوابط، ويجب ألا نعطي أبناءنا الثقة الكاملة لأنها أحيانا قد تكون ثقة عمياء، ولابد من فرض الرقابة مع مراعاة الحالة النفسية للأبناء واستخدام التوسط والاعتدال ونحن ندرك أن التوسط والاعتدال من أنجح الطرق لأن الشدة تؤدي للإنحراف، أو لا سمح الله من الهروب من المنزل، ولا نترك الحبل على الغارب ونهملهم فيكونوا خطراً على أنفسهم والمجتمع فنحن مسؤولون عنهم مسؤولية كاملة أمام الله.

ضعف الرقابة

وأبدى صاحب الأثنينية حمود الذييب أسفه لعدم تواجد العنصر الأهم في هذه الأثنينية وهم الشباب لأنهم هم المعنيون فيها، وحذر من أن أكثر الألعاب الالكترونية وما في حكمها، والتي يتناقلها بعض صغار السن، تحمل خطراً كبيراً لايمكن السكوت عليه، فهي تعطي الأطفال دروساً في تعلم فنون القتال وكيفية استخدام الأسلحة وصناعة القنابل وطرق الإجرام المختلفة، وبعضها تحمل معتقدات باطلة، ناهيك عن تعليم كسر الأفلام والمواقع المحجوبة كالمواقع التي تتضمن أفكاراً هدامة ومنحرفة وإباحية، وللأسف أن هذه الأفلام قد يروجها أصحاب المحلات المتخصصة في أكثر شوارعنا غير مبالين بأعمار الأطفال الذين يستخدمونها لأن همهم فقط الربح المادي مضيفاً للأسف أصحاب تلك المحلات نشطوا في ذلك مستغلين ضعف الرقابة من قبل الجهات المختصة.


الملتقيات الفكرية الخاصة ردمت الفراغ الفكري بطروحات ونقاشات اجتماعية ثرية

يعول كثيراً على الأمسيات الفكرية الخاصة في حماية الشباب من مخاطر التطرف

حمود الذييب

مناحي الحصان

د.سعود الفايز

سليمان العطاوي

د. إبراهيم الحمود