في حراك دبلوماسي لافت استقبل قصر اليمامة في الأسابيع الماضية زعماء ورؤساء دول القرن الافريقي كجيبوتي واثيوبيا واريتيريا وقريبا الصومال. هذا النشاط السياسي يعكس نهج السياسة الخارجية في عهد الملك سلمان التي تحرص على اللقاءات المباشرة، فضلا عن كونها لم تأت بمعزل عما يدور في الساحة الإقليمية تحديدا ما يجعلها تكتسب أهمية لا سيما في توقيتها.
صفوة القول: لقاءات الملك سلمان بقادة دول القرن الأفريقي لم تهدف فقط لحماية امن المملكة وقطع الطريق على المخططات الإيرانية بل عززت ايضا دور النظام العربي الاقليمي من أجل استقرار ضفتي البحر الأحمر
وتتضح هنا محورية السعودية ودبلوماسيتها الهادئة ما جعلها تحظى بالتقدير والاهتمام.
إن الوضع الإقليمي يتسم بدرجة كبيرة من السيولة السياسية ولذلك لم تعد التحالفات العربية كافية لمواجهة التحديات لاسيما في صعود إيراني مقلق، ما يعني ضرورة فتح باب التعاون والتنسيق والتشاور مع دول أخرى لمواجهة التمدد الإيراني وخلق توازن لموازين القوى في المنطقة.
وليس سرا ان ثمة رؤية سعودية تسعى الى تكريس معادلة سياسية وعسكرية تهدف لقطع الطريق لمن يريد اختراق تلك الدول للإضرار بالمملكة وبالتالي لا بد من حماية امنها وملء الفراغ العسكري هناك بما يخدم أهدافها الاستراتيجية وهذا كله يقود بطبيعة الحال الى إعادة التوازن. ولعل منطقة القرن الافريقي تُعد للرياض موقعا استراتيجيا من كونها تخدم تأمين باب المندب وتدعم عملياتها العسكرية في اليمن بدليل انشاء قاعدة عسكرية لها في جيبوتي وفق تصريحات سفيرها في الرياض لجريدة الحياة. وهذا امر يحسب للسعودية وبعد نظرها الاستراتيجي.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة للتواجد الإيراني في افريقيا وحضورها العسكري في ارتريا وتداعيات ذلك على الامن القومي العربي. غير ان البعد الاستراتيجي للسياسة الايرانية يهدف بالطبع الى كسب تأييد الدول الأفريقية لمواقفها السياسية، والحقيقة ان العلاقات الإيرانية –الأفريقية شهدت نموا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة مقابل تراجع واضح للدور العربي في أفريقيا، ما يعني خللا استراتيجيا بدا ملموساً على الاصعدة السياسية والاقتصادية والدينية اي ضعف الحضور السني مقابل الشيعي، كما ان طهران استفادت من ممارسات وسلوكيات الجماعات المتشددة في مالي ونيجيريا والمرفوضة شعبيا من اجل تسويق الفكر المضاد وبالتالي توظيفه لأجندتها السياسية، ولذلك هنا تبرز أهمية التقارب في العلاقات ما بين السعودية ودول القرن الافريقي والذي يأتي لقطع الطريق على المخطط الإيراني الذي يحاول تكريس توسيع نفوذ طهران من خلال استراتيجية سبق ان وضع أسسها الخميني بتصدير الثورة لعمق القارة السمراء.
ولعلنا نستحضر هنا ما قاله الرئيس السابق أحمدي نجاد في زياراته لدول افريقية حيث عزف آنذاك على وتر التاريخ الاستعماري في القارة الأفريقية مذكرا اياهم بما فعلت القوى الغربية بأراضيهم وأجدادهم، زاعما أن إيران تسعى لتحقيق المصالح الأفريقية كون توجهاتها تختلف عن "القوى الغربية والفاعلين الإقليميين الآخرين الذين يسعون إلى استغلال الأفارقة". ولذلك فان الغاية الايرانية ما هي إلا البحث عن حلفاء مناوئين للقوى الغربية في العالم. كانت الدبلوماسية الايرانية تتغلغل في أفريقيا آنذاك لاستقطاب اصوات تقف الى جانبها في صراعها الدبلوماسي مع الغرب بشأن برنامجها النووي. ناهيك عن أن إيجاد الحوزات الشيعية التي شجعت تكاثرها وتدعمها ماليا ومعنويا، ليس من مبدأ ديني كما ذكرنا وإنما لدعم مخططاتها السياسية.
وقد بات ملحوظا في السنوات الماضية رغم السرية ان طهران استطاعت الترويج لمذهبها في عدد من الدول الافريقية واستقطاب اتباع بوسائل ومغريات متعددة. ولعل "الفقر والجهل اللذين تعانيان منهما القارة، يفسحان المجال للنشاط الدعوي الشيعي القائم على منظومة متكاملة من العمل الخيري والطبي، والتعليمي، في بيئة تسمح بتمرير بعض المعتقدات باسم الإسلام لدى البسطاء ومحدودي الثقافة الدينية". (دراسة أمير سعيد "إيران المتجهة إلى أفريقيا تبشيراً واستثماراً").
إن الاهتمام الإيراني بهذه القارة المقهورة، ليس فقط لترويج المعتقد كما قال احد الدعاة بل "للاستثمار والهيمنة وإيجاد موطئ قدم لها على أرض الكنوز الدفينة". يقول شريف شعبان في كتابه "السياسة الخارجية الإيرانية في أفريقيا": "إن محورية الاهتمام الإيراني بالقارة الأفريقية وبأقاليمها المختلفة، علامةٌ بارزة في عملية صنع السياسة الخارجية الإيرانية وصياغتها، وذلك لتقوية حضورها وفي مقدمتها "القوة الناعمة"، بما تتضمنه من تعاون في مجالات الإمداد بالنفط، وبناء المستشفيات والمدارس، والإمداد بالمعدات الزراعية، وتقديم المنح والقروض المالية".
ان إشكالية إيران سياسية في المقام الأول ولا خلاف لدينا مع الشعب الإيراني الا انها تتدخل في شؤون الدول الأخرى من الزاوية الطائفية. ولذا من المهم ان تسفر اجتماعات قصر اليمامة عن تعاون جاد في تأمين مضيق باب المندب امام الملاحة البحرية وقطع الامدادات العسكرية للحوثي ومواجهة ظاهرة تجارة السلاح المقلقة.
إن التحرك السعودي استدرك بلا أدنى شك الوضع وبالتالي سينجح في إسقاط مخططات الحرس الثوري في زرع خلايا ومليشيات طائفية في دول القرن الافريقي التي يزمع لها تطويق السعودية على امتداد حدودها البحرية معها.
صفوة القول: لقاءات الملك سلمان بقادة دول القرن الأفريقي لم تهدف فقط لحماية امن المملكة وقطع الطريق على المخططات الإيرانية بل عززت ايضا دور النظام العربي الاقليمي من أجل استقرار ضفتي البحر الأحمر وهو ما يعني إعادة التوازن للمنطقة إن أردنا الإنصاف!.
1
دنكلاوي عفري ارتري
2016-06-01 01:41:30نرجو من العرب التثبت قبل رمي التهم جزافا دون وجة حق منذ أكثر من خمسة وعشرون عام دون تقديم دليل واحد دامغ ودون الأخذ في الاعتبار ماقد يؤدي إليه الانطباع لدينا اخير نحن أحرار في مانعمل لأننا دولة ذات سيادة كاملة
2
عبدالله ابوغسان
2015-10-27 13:05:57حتى وان كان مكلف
احد الروافد هو الحراك الشعبي على شكل تبرعات موسمية
يقودها الجمعيات الخيرية وتشرف عليها الحكومة
وتتجه مباشرة الى تلك الحكومات والى الهيئات الخيرية هناك
الفقير والجاهل لا يفرق بين من هو شيعي او سني او كافر
هو يريد الطعام والكساء وسوف يحبك لهذا
3
ابو حمد
2015-10-27 11:33:59تحرك مطلوب وان كان مكلف.
4
حسين
2015-10-27 10:41:30اقحامنا كشرطي يستنزفنا يكفي ان نوجد ونضمن ولاء عدن واليمن والتحالفات العربيه تعرقل ولم تفعل لنحتاج غيرها
5
فيحان
2015-10-27 08:42:04عرض وتحليل تفصيلي ممتاز واتمنى الا نكون متأخرين طال عمرك شكرا لك شي طيب وبالله التوفيق.