منذ الأزل وإلى الأبد لا يتم تشكيل تحالف إلا وله أجندة قصيرة المدى وأخرى بعيدة المدى أو أحدها ومن يستطرق التاريخ الحديث والقديم يجد أن هذا النهج يسير على وتيرة واحدة إلا أن الأحلاف في بعض الأحيان يمكن أن تنقسم على نفسها إذا أصبحت مصلحة بعض أو أحد أطرافه تقتضي الانتكاس على ذلك وهذا هو السبب الرئيسي في تدهور أو اضمحلال بعض التحالفات أو تحولها إلى صراع بين الأطراف المتحالفة.

التحالف الجديد بين كل من إيران والعراق وسورية وروسيا انبثق تحت حجة محاربة داعش التي أساساً أُوجدت من أجل تشويه المكون السني والقضاء عليه في كل من العراق وسورية وذلك تمهيداً لتحقيق النظرية التي يتم تداولها منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن والتي ظلت تبشر بخلق هلال شيعي يمتد من إيران إلى البحر المتوسط أي يضم إيران والعراق وسورية ولبنان وهو ما يتم صنعه الآن.

التحالف الجديد بين كل من إيران والعراق وسورية وروسيا انبثق تحت حجة محاربة داعش التي أساساً أُوجدت من أجل تشويه المكون السني والقضاء عليه في كل من العراق وسورية؛ وذلك تمهيداً لتحقيق النظرية التي يتم تداولها منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن والتي ظلت تبشر بخلق هلال شيعي يمتد من إيران إلى البحر المتوسط

وقد تم تعمّد أن يكون داعش من أهل السنة حتى يتم استقصاد أهل السنة في كل من العراق وسورية للقضاء عليهم أولاً من خلال القتل وتدمير البنية التحتية في مناطقهم ومن يسلم منهم يتحول إلى لاجئ أو مهجر كما نشاهد أوضاعهم في المخيمات في كل من الأردن ولبنان وتركيا، أو مكرمين في دول الخليج أو هاموا على وجوههم في البر والبحر طلباً للنجاة فمنهم من نجا ومنهم من غرق.

وخلال تلك المرحلة يتم تعميق الاستقطاب السني الشيعي كما هو حاصل مما قد يؤدي إلى مواجهة من أي نوع بين ذلك التحالف من جهة وكل من المملكة ودول الخليج وربما مصر وتركيا من جهة أخرى بالإضافة إلى أطراف أخرى، أي حرب عالمية مصغرة إذا اقتصرت على تلك الأطراف أو عامة إذا دخلت فيها أطراف أخرى.

نعم لقد تم إلصاق داعش وما ترتكبه من فظائع بأهل السنة وأهل السنة منه براء من أجل تحقيق ماتم ذكره سابقاً على المدى القصير ومن أجل بدء العد التنازلي باستهداف أهل السنة وقواعدها الرئيسية في كل من المملكة بصورة خاصة والخليج ومصر وتركيا بصورة عامة. ناهيك عن رسم صورة نمطية قبيحة للمسلمين سنة وشيعة أمام جميع الشعوب والدول حتى يصبح ما يحدث لهم مبرراً لأنه جزء من محاربة الإرهاب كما يدعون.

نعم المملكة مستهدفة في كيانها وعقيدتها وثرواتها ومنجزاتها، وما التحالف الجديد إلا بذرة نتنة تصب قي ذلك الاتجاه خصوصاً انه يتم بالتنسيق مع أميركا وإسرائيل.

نعم الإرهاب ليس له دين ولا وطن فهو موجود ومتداول في كثير من الدول ولكن ضمن نسب متفاوتة إلا انه يصنف كجريمة إذا ارتكبها غير المسلم وإرهاب إذا ارتكبه مسلم، والإرهاب والإجرام في منطقتنا أشد ما يكون استقطاباً وانتشاراً وذلك من قبل أطراف عديدة سنية وشيعية، فالإرهاب المنسوب إلى السنة يتمثل في ممارسات كل من القاعدة وداعش والتطرف ويتم دعمهما من قبل دول وأجهزة مخابرات لها مصلحة فيما تقوم به تلك المنظمات من إرهاب مبرمج وقد نفخ الإعلام الموجه بالإرهاب الإسلامي حتى أصبحت الدول والشعوب تتوجس من كل من ينتمي للإسلام من عرب وغيرهم كما تم دعم ذلك برصد ميزانيات وتشكيل جيوش من أجل محاربة هذا النوع من الإرهاب إلا أن الملاحظ أن الحرب على الإرهاب ليست جادة فهي تتم بصورة باهتة من قبل الدول الكبرى التي تدعي محاربته بينما الوقائع تشير إلى أن ما تقوم به تلك الدول ذر رماد في العيون فهو لا يعدو وسيلة لدعم الإرهاب ونشره حيث إن الأساليب المتبعة تجعل الإرهاب يزداد شراسة واتساعاً فهو اليوم يسير على قدم وساق دون رادع مدعوم بخلق عدم استقرار في الدول المستهدفة مثل العراق وسورية وليبيا واليمن مما خلق مناطق تفريخ للإرهاب ومسبباته ودوافعه ومراكز تدريب لهم وذلك في سبيل تحفيز مزيد من الاستقطاب من أجل استهداف الدول الأخرى (حكومات وشعوباً) التي هي على قائمة الانتظار إن هي لم تأخذ بزمام المبادرة، وفي كل الأحوال ظل أهل السنة هم الهدف على الرغم من أن عدد الإرهابيين المنسوبين إليهم قليل جدا بالنسبة لعددهم وأهل السنة منهم براء بل هم في الحقيقة من يحارب الإرهاب بصورة جدية فإذا نظرنا للدول التي تحارب الإرهاب نجد أن المملكة هي الطرف الجاد في محاربة الإرهاب بجميع أنواعه ومصادره وانتماءاته وخير شاهد على ذلك ما تقوم به المملكة من جهود جبارة في سبيل إحقاق الحق ودحض الباطل داخل المملكة وخارجها وهي في نفس الوقت أكبر المتضررين منه على اختلاف انتماءاته ومصادره فالمملكة حاربت وتحارب القاعدة وداعش وجميع أنواع التطرف المنسوب إلى منظمات سنية وفي نفس الوقت وقفت بكل قوة واقتدار أمام الإرهاب الإيراني وأذنابه مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن ونظام الأسد في سورية وغيرهم من المخدوعين ممن يتم تصنيفهم على انهم يمثلون الشيعة بينما الغالبية العظمى من الشيعة منهم براء. وذلك انطلاقاً من مبدأ ان الإرهاب لا دين ولا طائفة ولا وطن له. أما الإرهاب الذي تمارسه إيران وأذنابها فهو لا يمثل الشيعة فالشيعة مثل السنة مبتلون بفئات مارقة تدعي الانتساب الى كل منهما وذلك من أجل خلق انشقاق بين الطائفتين يؤدي الى الاقتتال والعمل على تدمير كل طرف للطرف الآخر وبالتالي القضاء على الإسلام وأهله على القاعدة التي تم تبنيها من قبل أجهزة المخابرات المعادية لجعل المسلمين يقتتلون فيما بينهم والتي تقول (دع الخبز يحترق في الفرن) فالخبز عبارة عن الشعوب الإسلامية بغض النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم والفرن الأوطان التي يعيش فيها كل من السنة والشيعة وسبب الاحتراق هو الحرب الأهلية او البينية التي تم ويتم إضرامها في المنطقة.

أما الإرهاب الذي منبعه إيران ومن يدور في فلكها مثل حزب الله ونظام الأسد والحوثيين ومن يدور في فلكهم فهو يحمل أجندة سياسية وأطماعاً فارسية تستغل الشيعة والتشيع كغطاء لتمريره وإيجاد حاضنين له لذلك يجب أن لا ينسب مثل ذلك الإرهاب إلى كل الشيعة؛ ذلك أن الممارسات الإيرانية تستغل الشيعة والتشيع والزج بهما في اتون تحقيق أطماعها وطموحاتها السياسية والعسكرية والأمنية التي تتمثل قي إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية.

إلا أن المفارقة الكبرى هي أن الدول الكبرى تعمدت تصنيف المنظمات الإرهابية المحسوبة على السنة كذباً وبهتاناً وتضخيمها وتشكيل تحالفات لمحاربتها بينما الإرهاب المنسوب إلى الدول والمنظمات الإرهابية المنسوبة الى الشيعة كذباً وبهتاناً لم يتم توجيه حتى اللوم إليها إلا اللمم.

نعم إيران سهلت دخول أميركا إلى العراق وروسيا لزمت الصمت حياله ولذلك تمت مكافأة إيران بتسليمها مفاتيح العراق على طبق من ذهب كما لم يتم دعم المعارضة الوطنية في سورية ضد نظام الأسد ولم يتم استنكار التدخل الإيراني فيها بصورة جادة ولم يتم منع تدخل حزب الله في لبنان قي الشأن السوري.

كما أن أميركا ودول الغرب تغض الطرف اليوم عن التدخل الروسي في سورية بل يتم التنسيق بينهم في هذا الشأن والمفارقة ان دول الغرب أقامت القيامة عندما تدخلت روسيا في أوكرانيا على الرغم من ان التدخل الروسي في سورية غير مبرر والتدخل في أوكرانيا مبرر لأن روسيا كانت تدافع عن مصالحها وبواباتها ومرتكز قوتها عندما تدخلت في أوكرانيا.

إن التنسيق الروسي الأميركي الإيراني الإسرائيلي للحراك الذي يشهده العراق وسورية لا يمكن ان يكون لصالح شعوب المنطقة بأي حال من الأحوال. لان إيران لها أجندة لا تحيد عنها وهو تصدير مبدأ ولاية الفقيه من أجل الإجهاز على المنطقة ومعاملة أهلها معاملتها لأهل الأحواز العربية والاستيلاء على ثرواتها اسوة بما فعلته بثروات الأحواز العربية.

أما أميركا فهي مسيّرة لا مخيرة ذلك أن اللوبي الصهيوني والمحافظين الجدد أصبحوا يحكمون من خلف الكواليس فهم الأغلبية في المجالس النيابية وفي الاستخبارات وفي مراكز الإعلام والمؤسسات المالية ومراكز الدراسات الاستراتيجية وبالتالي يستحيل أن يصل إلى سدة الحكم هناك من لا يقدم الولاء والبراء والطاعة العمياء لإسرائيل وأجندتها.

أما إسرائيل ومن خلفها اللوبي الصهيوني المسيطر في كل بلاد الغرب بصورة عامة وأميركا بصورة خاصة فإن عدوها اللدود يتمثل في الإسلام وأهله من عرب وغيرهم لذلك فإن ما يحدث في المنطقة من استقطاب وخراب وتدمير لا يعدو أن يكون نتيجة جهل شعوب وحكومات المنطقة بما يدبر لها من جهة واستغلال ذلك الجهل من قبل المتآمرين الذين يريدون أن يرثوا الأرض ومن عليها بعدما يخربها أهلها بالاقتتال الطائفي الذي تتم ممارسته فعلاً على أرض الواقع.

نعم على الرغم مما تم استقطابه من إرهابيين للانضمام الى منظمة داعش الإرهابية إلا انه لم يحقق الغرض المرسوم له حتى الآن وهو تجميع أكبر عدد من الشباب المغرر بهم تحت طائلة الجهاد تمهيداً للقضاء عليهم من جهة وتجنيدهم ضد أوطانهم وأهلهم من جهة أخرى ولهذا ولزيادة وتيرة التغرير وجلب أكبر عدد ممكن من الشباب ورفع مصداقية الفتاوى المفخخة تم إدخال روسيا طرفاً في المشهد السوري وذلك أملاً بأن يتمكن ذلك التدخل من جمع أكبر عدد من الشباب المتحمس المغرر به من أجل حصد أرواحهم. إذ ان التدخل الروسي ماهو إلا وسيلة لدعم انضمام مزيد من المتحمسين للجهاد إلى صفوف داعش اسوة بما حدث في أفغانستان أيام التدخل السوفييني هناك.

هذا مع العلم ان الضربات الجوية التي تتم ضد مراكز داعش ربما يتم أخذ إحداثيات تلك المراكز من قيادات داعش أنفسهم وذلك بعد أن يجمعون المغرر بهم هناك. وهذا ليس ببعيد ذلك ان داعش أثبتت أنها صنيعة استخباراتية تعمل كل ما في وسعها لضرب الطوائف الإسلامية ببعضها البعض خصوصاً طائفتي الشيعة والسنة وما تفجير المساجد والحسينيات واستهداف رجال الأمن والمؤسسات العسكرية والمدنية إلا جزء لا يتجزأ من حراكها. فهي اليوم تعمل كغطاء لبعض ما تقوم به إيران وحزب الله أو نظام الأسد أو غيرهم من الأذناب الإيرانية من خلال استعدادها لتبني مثل تلك الأفعال المشينة من أجل التغطية على الفاعل الحقيقي.

لذلك نقول إن الشعب السوري ممثلاً بالمعارضة الحرة والجيش الحر كفيلان بصد العدوان سواء كان من إيران وحزب الله أو ربيبتها داعش أو من روسيا أو غيرهم شريطة أن يتم دعم تلك القوى المعتدلة بالمال والسلاح والتدريب. إن تحرير سورية ليس بحاجة إلى مقاتلين من الدول الأخرى وذلك ان مثل هؤلاء يشكلون عبئاً على المقاومة من ناحية ويمثلون وسيلة اختراق لها من ناحية أخرى.

وعليه يجب على الشباب ألا ينخدع وألا يغرر به وألا يستدرج إلى هناك من أجل قتله من ناحية وتفخيخه ضد وطنه وأهله وبني جلدته واستخدامه رأس حربة ضد الإسلام ومقدساته في مكة والمدينة.

نعم إن دعم المعارضة المعتدلة والجيش الحر في سورية مادياً ومعنوياً وتسليحاً وتدريباً هو أفضل الطرق لنصرة الشعب السوري وهزيمة الإرهاب الإيراني الروسي الإسرائيلي ومن يقف خلفهم من الدول والقوى. والله المستعان