حلم الكثير منهم توقف بعد الثانوية رغم تفوقهم.. ومطالبات بمساواتهم بالأسوياء

"ريم" طالبة تخرجت من المرحلة الثانوية بتقدير "ممتاز"، وتفوقت على نظيراتها الطالبات رغم إصابتها بمرض الشبكية الصبغي الوراثي الذي تسبب في ذهاب بصرها، ومع المراحل الدراسية اجهدت بصرها أكثر فأكثر رغم تحذير الاطباء لها بالمحافظة على ما تبقى لها من النظر، "ريم" تعتبر من الطالبات ذوات الاحتياجات الخاصة بسبب ضعف نظرها، ومع تفوقها في المرحلة الثانوية لم تقبل في الجامعة والسبب لأنها من ذوي الاحتياجات الخاصة.

قصة "ريم" مع القبول في الجامعات المحلية ليس الوحيدة، فهناك آلاف الطلاب من المكفوفين والصم والبكم حرموا من الدراسة الجامعية ومواصلة تعليمهم في الداخل أو حتى الابتعاث رغم تفوقهم في المرحلة الثانوية.

حلم الكثير منهم توقف بعد الثانوية رغم تفوقهم.. ومطالبات بمساواتهم بالأسوياء

صدمة كبرى

وعبرت خديجة عجاج شقيقة "ريم"، عن صدمة عائلتها الكبرى من حرمان "ريم" ومثيلاتها من ذوات الإعاقة من القبول في الجامعات المحلية وكذلك الابتعاث الخارجي، والسبب في حالة "ريم" أنها لم تحصل على اختبار قياس القدرات والتحصيلي، رغم أنه تم إعفاؤها من ذلك الاختبار وتم منحها شهادة إعفاء من مركز القياس، مثلها كباقي الطلاب والطالبات المصابين بضعف البصر، مشيرة إلى أن شقيقتها "ريم" يضرب بها المثل في المدرسة التي كانت تدرس بها، فجميع زميلاتها المبصرات لم يحصلن على ما حصلت عليه من تفوق.

وأوضحت عجاج أن المشكلة الآن تكمن في أن وزارة التعليم لم تعترف بشهادة إعفاء "ريم" من اختبار القياس والقدرات، والجامعات تؤكد بأن من لديه إعفاء من اختبارات القياس غير مقبول لديها، مناشدة وزارة التعليم بإيجاد جل جذري للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم متفوقون في دراستهم ويحتاجون إلى الدعم لإكمال مسيرتهم التعليمية داخل المملكة أو خارجها.

وأضافت عجاج، خطابنا وزارة التعليم بتاريخ 14/10/1435ه، رقم المعاملة 87709، وحولت معاملتها إلى اللجنة الطبية في وزارة التعليم العالي واقفل ملفها عندهم، وعند الاستفسار عن سبب اغلاق المعاملة وعدم تحريكها افادونا بان صلاحياتهم تقتصر على شديد الاعاقة والتخلف العقلي والتوحد لتوفير دار ايواء لهم، مما يعني ان المفترض عدم تحويل معاملة "ريم" لهم لانها لا تخصهم، فهي طالبة ذكية ومتفوقة اللهم إلا من ضعف البصر، وهذا ليس عيباً ولا معوقاً يمنعها عن الابتعاث ومواصلة دراستها مثل باقي المتفوقين.

وتابعت عجاج: نصحتنا اللجنة بان تقبل "ريم" الذهاب للدراسة على حسابها الخاص ومن ثم تنضم للبعثة، وهذا في غير مقدورنا مالياً، كما ان من حق "ريم" الابتعاث كمتفوقة، والمكرمة الملكية واضحة ان تبتعث المتفوقين ولم تقل باستناء المكفوفين، وبينت عجاج أن وزارة التعليم افادتهم بأن ابتعاث المكفوفين يكون عن طريق مركز الملك سلمان لإبحاث الاعاقة أو من جمعية المكفوفين، فذهبنا للجمعية وأفادت بعدم وجود مقاعد، والمركز كذلك أكد أنه من عام لم تمنحهم التعليم مقاعد، وهناك طابور من ذوي الاحتياجات الخاصة بانتظار الابتعاث.

الأسباب مجهولة

من جانبها، قالت مترجمة لغة الإشارة الدولية اروى الدوسري أن الطلاب من ذوات الاحتياجات الخاصة "الصم والبكم والمكفوفين" يعانون من القبول في الجامعات، رغم أن المسؤولين في جامعة الدمام كانوا متعاونين معنا في ذلك، وطرحنا قضية القبول في مناسبات عدة، وحصلنا في وقت سابق على موافقة مبدئية من جامعة الدمام لقبول 50 طالبة ولكن مازلنا ننتظر، فهناك وعود كثيرة ولكن الاسباب حتى الآن مجهولة، فحلم الكثير من المكفوفين والصم والبكم توقف بعد تخرجهم من المراحل الثانوية، ويقفون في طابور البطالة وعدم إكمال المراحل الجامعية، مشيرة إلى أننا شرحنا معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة بعدة طرق، منها مسرحية على مسرح جامعة الدمام في مناسبة أسبوع الصم.

عبدالعزيز محمد من الصم والبكم قال بلغة الإشارة: إنه تخرج بتقدير ممتاز من المرحلة الثانوية ويجيد التعامل مع الكمبيوتر، ولكن لم يجد مقعد دارسي لإكمال المرحلة الجامعية، ويعمل الآن في أحد الأندية الخاصة بالصم والبكم كعمل اجتماعي يخدم نادية وباقي زملائه، ويؤكد: طرحنا قضيتنا كثيراً من حيث القبول في الجامعات أو الوظائف الحكومية ولكن دون جدوى، وفي الوقت الراهن تتسابق علينا الشركات والمؤسسات، بعد المميزات التي قدمتها لهم وزارة العمل، ولكن ذلك يتم للأسف من خلال تسجيل وهمي ووظائف وهمية، فالكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة موظفون ولكنهم في الحقيقة لا يعملون، بل يستلمون راتبا وهم بالفعل عاطلون عن العمل، وهذه مشكلة قد يكون لها تبعات في المستقبل.

مساواتهم بالاسوياء

بدورهم، ناشد مختصون وزارة التعليم بأن تنصف الطلاب والطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم متفوقون والإعاقة ليست عيباً تمنعهم من مواصلة تعليمهم، وأن لا تحطم الوزارة إراداتهم في التفوق وخدمة وطنهم، فالتعليم لا يتقصر على الأسوياء فقط، فهناك العديد من الطلاب والطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة متفوقون على الاسوياء في المراحل التعليمية.

حيث قال المختص في التعليم د. محمد الشويعر ان العلم لا يقتصر على الأسوياء فقط، فقد اهتم العالم بذوي الاحتياجات الخاصة بإنشاء المدارس لهم، وإنشاء الاتحادات الرياضية لدمجهم في المجتمع عبر التنافس الرياضي في الكثير من البطولات المحلية والإقليمية والدولية، مؤكداً أن المملكة لم تقصر في الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة بجميع الفئات، وأنشأت لهم المدارس والاتحادات الرياضية، وفسحت المجال لهم بالمشاركة في البطولات المحلية والعالمية، وكانوا مميزين في مشاركاتهم، حيث تمكن أبطالنا لكرة القدم إحراز كأس العالم مرتين على التوالي.

وبين د. الشويعر ان وزارة التعليم العالي ووزارة التربية قبل دمجهما، لم تفسحا المجال لبعض فئات ذوي الاحتياجات الخاصة للدراسة في الخارج عبر برنامج الابتعاث، ومساواتهم بالاسوياء الذي ابتعث منهم حوالي 150 الف مبتعث ومبتعثة، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يسمح لمثل هؤلاء بالابتعاث والدراسة خارج المملكة، مطالباً أن تحدد نسبة معينة من المكفوفين والصم البكم للدراسة في الخارج عبر معايير دقيقة، فإذا انطبقت تلك المعايير يتم اختيار المناسب منهم وإلحاقه في البعثة وفتح المجال في الجامعات السعودية، وهذا قد يبعث الفرح والسرور في نفوس هؤلاء بأنهم مقدرون مثلهم مثل الاسوياء، والجميع يدرك أن هناك أذكياء جداً من تلك الفئة، فقط تريد فتح المجال أمامها لتبدع وتتطور.

آثار نفسية سلبية

وأوضح مدير الجمعية السعودية للإعاقة السمعية فرع المنطقة الشرقية علي الرياني ان التعليم من حق الجميع، ليس التعليم العام، أي الوصول إلى نهاية طريق التعليم العالي، ولدى الجمعية أكثر من 150 خريجة وخريج من المرحلة الثانوية لم يتسن لهم القبول في الجامعات أو إلحاقهم ببرنامج البعثات لخارج المملكة، مما اثر كبير الاثر على نفسيتهم بشكل سلبي وإحساسهم بالنقص بين أفراد المجتمع، علماً بأنهم يتمتعون بذكاء حاد جداً وتفوق دراسي بامتياز.

وتابع: إن ذوي الاحتياجات الخاصة يدخلون من ضمن ابناء المجتمع، وجامعاتنا ولله الحمد تهتم بهذه الشريحة، وتقدم لها كل ما تستطيع من دعم حسب الممكن والمتاح للمعوقين الحركيين، باستثناء ابنائنا من الصم والبكم، فهم يأخذون فرصتهم في التعليم العام حتى نهاية المرحلة الثانوية، وبعد تلك المرحلة تواجههم صعوبة الالتحاق بالجامعة، فمعظم جامعاتنا لا توفر لهم الدعم اللازم، رغم أن إجراءات الالتحاق لا تكلف سوى بعض الخطوات الروتينية التي يمكن التغلب عليها.

وأكد الرياني أن القيادة الرشيدة تولي كل الرعاية والاهتمام لجميع المعاقين بمختلف أعاقتهم، ويبقى الدور على الجهات المعنية في أن يتم مساواة شريحة الصم والبكم ببقية شرائح ذوي الاحتياجات الخاصة، فالكفيف على سبيل المثال توفر له الجامعات قارئاً ودليلاً وطابعة بلغة "برايل"، والمقعد توفر له المصاعد والمسارات المنزلقة، ولكن "الصم والبكم" لم توفر لهم الجامعات مترجماً بلغة الإشارة، ومن الواجب أن يأخذوا فرصتهم في الإبتعاث وفي الجامعات المحلية.


شهادة اعفاء ريم من اختبار قياس

د. محمد الشويعر

علي الرياني

الطالبة ريم عجاج