عشر سنوات من التفاوض.. واتفاق يضمن طهران عشر سنوات.

لقد أصبحت إيران عضواً في النادي النووي الدولي بموافقة الدول الكبرى التي رأت في طهران دولة توافرت فيها شروط الانضمام بعد أن وقّعت معها اتفاقاً قالت إنه تاريخي وجيد. من كان يسمع قرع طبول الحرب قبل بضع سنوات لم يدر في خلده أن اتفاقاً نووياً سينجز بين الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وإيران ليصبح الحديث عن زيارة أوباما إلى طهران اليوم مطروحاً بشكل مشروع ومنطقي.

الاتفاق النووي الذي تراهن عليه القيادة الأميركية باعتباره وصفة علاجية من شأنها تعديل السلوك الإيراني المؤذي في المنطقة ليصبح أكثر ودية، أمرٌ لا نتوقع أنه كان موجوداً في الذهنية الاستراتيجية الأميركية، إلا إذا كانت واشنطن قد غيّرت استراتيجيتها خلال العقد الأخير في المنطقة، وهذا ما نراه بفعل التحوّلات التي عصفت بالمنطقة في الأربع السنوات الأخيرة.

ما يهمنا هنا أن الاتفاق النووي - الذي وصفته الأمم المتحدة وعدد من الدول أنه قوي بما يكفي لمنع إيران بأن تطور قنبلة نووية خلال عشر سنوات على حد قول لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي - سيصبح علامة بارزة في تحوّل المنطقة، وبُعدها أن تكون منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل كما كان يتمنى سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، فبهذا الاتفاق أصبح من الممكن لأي دولة في المنطقة الانضمام لهذا النادي الذي أعيدت صياغة شروط الانضمام إليه بشكل واضح، وهو الذي كان في السابق حكراً على مجموعة دول لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.

المملكة ودول الخليج، التي طالما رأت في البرنامج النووي الإيراني أمراً يبعث على الريبة والشك والقلق بسبب عدائية طهران وإمعانها في خلق بؤر التوتر هنا وهناك، ستكون اليوم مجبرة على تحصين نفسها استراتيجياً وعدم الانتظار لما ستؤول إليه الأمور لعشر سنوات مقبلة.. تقول واشنطن ودول كبرى إنها كفيلة بأن تقوّم السلوكيات الإيرانية.

إن الاتفاق النووي الإيراني يمكن اعتباره ضوءاً أخضر من أجل أن تطور دول الخليج وعلى رأسها المملكة برنامجاً نووياً يمكّنها من حيازة دورة الوقود النووي، وأبعد من ذلك، بما يحقق الردع ويضمن استقراراً في موازين القوى ويمنع اختلالها.