ما زالت قضية موظفي العقود في هيئة الإذاعة والتلفزيون مسيطرة على المشهد وذلك بعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على بداية المشكلة، ولم تصدر حتى الآن أي قرارات تحلها بشكل نهائي.

الموظفون المتضررون يعتقدون أن الهيئة ألغت وظائفهم ولا يدركون أن حل القضية بالتأكيد ليس بيد رئيس الهيئة ولا أي مسئول آخر لأن القضية كبيرة تحتاج إلى قرار سامٍ يحسمها.

بند 57 استُحدث بعد قرار وزير الثقافة والإعلام الأسبق د. عبدالعزيز خوجة إطلاق قنوات تلفزيونية جديدة وتم تخصيص عقود لاستعانة الوزارة بعدد من القدرات الإعلامية والفنية للعمل في تلك القنوات، خصوصاً أن معظم موظفي الإذاعة والتلفزيون كانوا يعملون في قطاعات أخرى بالوزارة.

وبعد أن أصبح التلفزيون السعودي هو الناقل للدوري السعودي وأطلق ست قنوات رياضية لمواكبة المباريات المتعددة قررت الوزارة تعيين مجموعة من الشباب على وظائف بعقود مؤقتة للعمل في تلك القنوات الرياضية تنتهي بنهاية السنوات الثلاث التي كان التلفزيون السعودي سينقل بها الدوري، إلا أن ذهاب الدوري إلى مجموعة MBC أجبر الهيئة على إيقاف تلك العقود لعدم تمكنها من تأمين المخصصات المالية للموظفين المؤقتين بما في ذلك الرواتب الشهرية.

كل هذا برأيي يعود إلى خلل إداري كان موجوداً في وزارة الثقافة والإعلام قبل سنوات قليلة، وسوء تخطيط أدى إلى نشوء تلك المشكلة من العدم وتم توريثها لهيئة الإذاعة والتلفزيون التي لا تزال عاجزة عن إيجاد حل لمستقبل أكثر من 300 شاب وشابة سعوديين.

إن غياب التخطيط المسبق وعدم معرفة الاحتياجات الفعلية للقنوات المستحدثة قبل تحول التلفزيون إلى هيئة، أدى إلى تضخم الموظفين لدى هيئة الإذاعة والتلفزيون، فتوظيف أكثر من ألفي شخص من خلال تلك العقود المستحدثة رغم وجود أعداد كبيرة من الكفاءات الشابة التي كانت تعمل في القنوات التلفزيونية بوظائف رسمية يعد خللاً لا يمكن تفسيره ولا يمكن تحميل مسؤوليته للهيئة حديثة التأسيس.

الموظفون الرسميون كانوا بحاجة فقط إلى تدريب مكثف ليصبحوا مؤهلين للعمل في تلك القنوات الجديدة، ولكن بدلاً من ذلك تم التعاقد مع متعاونين ومع موظفين بعقود مؤقتة من دون حاجة حقيقية، فما حاجة التلفزيون بقنواته الجديدة بالمزيد من المتعاونين في ظل وجود آلاف الموظفين الرسميين الذين لم يستفد منهم بشكل فعلي حتى الآن.

أنا هنا لا أناقش القضية من خلال تلك العقود الثلاثمئة، إنما أتساءل: لماذا التعاقد مع موظفين إضافيين والتلفزيون يمتلك أساساً أكثر من 3000 موظف رسمي بهيئة الإذاعة والتلفزيون ما يعني بطالة مقنعة وتكدساً كبيراً؟. الغريب أنه مع كل تلك الأعداد من الموظفين إلا أن هناك بند آخر ما زالت تعمل به الهيئة وهو بند التعاون الذي تقرر أخيراً تقليصه وترشيده كثيراً من خلال الاستغناء عن أعداد كبيرة من المتعاونين من داخل وخارج الوزارة ما ينذر بموجة قادمة من التذمر والشكوى خصوصاً أن القائمة تضم أسماء كثيرة من خارج الوزارة وكذلك يعده الموظفون حقاً مكتسباً فيما كان خاصاً للمعدين وأصحاب المؤهلات الاستثناية التي يستعين بها التلفزيون والإذاعة في البرامج من محللين سياسيين ومعدي برامج وكذلك الاقتصاديين.

إن القرارت غير المدروسة هي التي أدت إلى وجود مشكلات مالية ووظيفية في معظم القطاعات الإعلامية. تلك المشكلات هي نتاج أخطاء قديمة تراكمت بمرور الزمن ولابد أن تكون لها حلول جذرية وسريعة لا يتحملها بالتأكيد الموظف الذي وجد نفسه من خلال عقد أو تعاون.