هناك قرارات أكثر إلحاحاً تجعل اللامرئي مرئياً وتعبر عن الحقيقة ولذلك فإن ما قدمته الجماعة الإرهابية داعش غير صحيح وما نسبوه للدين فهو براء منهم ومن أفعالهم الإجرامية، فيما عرض التنظيم من خلال فيديو إحراق الطيار الأردني الكساسبة وتظاهروا بأن السند في الدليل لابن تيمية من خلال رسالة ظهرت على الشاشة جاء فيها: فأما إذا كان في التمثيل الشائع دعاء إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان فإنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع.

أما التمثيل الذي قصده ابن تيمية هو في جثث الكفار وليس في الأحياء أو في القصاص على قدر الجرم المرتكب، بل هم أخذوا بالقول أما المعاملة بالمثل فمن أساليب القتال وأدواته فهي جائزة ومطلوبة لعموم النصوص التي تداولوها في سياستهم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال:«إن وجدتم فلاناً وفلاناً» لرجلين من قريش سماهما «فأحرقوهما بالنار» ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروج: «إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما»رواه البخاري. وفي حديث آخرله صلى الله عليه وسلم  قال:«إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار.

ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة وعلى المسلمين اتباعه والامتثال لأمره وقال تعالى في محكم التنزيل:(وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً).

فإذا فسرنا فقه الأزمات ومناسبة تطبيقه هو اتخاذ تدابير خاصة تناسب الأحداث والعوائق التي تواجه المسلم في حياته وواقعه، ومن تلك الأزمات سنأخذ أزمة القحط التي أصابت المسلمين في عهد عمر بن الخطاب، وكاد القحط أن يقتلهم وأصبحت الأرض جافة كالرماد وقد تبدلت ألوانهم وهزلت أجسادهم من الجوع والجفاف، ولجأ إلى الواحد القهار رافعاً يديه هو وصحبه وأمته إلى رب السماء يطلب النجده ويسترسل في الدعاء.

وقال عبدالله بن عمر: لقد كان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب (أطراف المدينة) فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلة في السحر وهو يقول: اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي"

وفي ضوء ماذكرنا لم نجد دليلاً أو فلسفة منطقية لما يقوم به هؤلاء سوى فكر شاذ اعتمد على فقه إرهابي ضمن فعاليات متطرفة تصور للعالم أبشع صورالعنف، لقد أساءت هذه الشرذمة للإسلام والمسلمين.

فقد دأب الإنسان منذ القدم على وضع قانون يجرم العنف ويميل إلى السلم والرحمة، وبالتالي لو أمعنا النظر لوجدنا أن الأزمات أحدثت تغييرات في حياة الأمم عطفاً عن ما ذكره التاريخ وسلسلة من الصراعات والحروب التي كانت تحيط بهم، ثم أتى الإسلام ونظم شؤون الحياة وحافظ على حقوق الناس، وحرم قتل النفس إلا بالحق وجعل أمر المسلمين في يد ولي يحكم بينهم بالعدل والإنصاف ويدفع بهم إلى الفضائل والتراحم والمعروف، ولكن المسلمين اليوم يعيش معظمهم تلك النكسه القديمة.